فأصخن حربا بالحروب فسالمت ... ودانت له نجد وذلت قبائله
ومن دم سراق الحجيج عتيبة ... سقى البيض حتى انهل الرمح حامله
وقائع سل عنها الحجاز وأهله ... ونجداً ومن بالبحر ينبيك ساحله
جهاداً ودرءاُ للفساد ونية ... وسيعاً به يرجو المثوبة فاعله
تولى فلم يرضى المكوس لدينه ... عفافا ومن يعفف تعف عوامله
ولما نمى الركبان أخبار عدله ... إلينا وشاعت في البلاد فضائله
بعثنا له در القريض بمدحه ... وخير الثنا ما لا يكذب قائله
فأبلغه تسليماً إذا فض ختمه ... تأرج من أرض الرياض معاقله
فيا أيها الوالي نصرت على العدى ... وسددت في الأمر الذي أنت فاعله
حنانيك لا تسمع بنا قول كاشح ... ولا حاسد تغلي علينا مراجله
ولا تصغ للنمام سمعك إنما ... يجيء به الإفساد والإثم حاصله
وما هو إلا فاسق أو منافق ... يريك صريح النصح والغش داخله
ولا يدخل النمام في الحشر جنة ... حديثاً عن المختار يرويه ناقله
وأكرم بني شيخ الرئيس الذي نهى ... عن الشرك لما شاع في الأرض باطله
وألف في التوحيد تأليفه الذي ... شجت في قلوب المشركين دلائله
كذا عابد الرحمن أعني حفيده ... بنور الهدى يهدي فمن ذا يعادله
ينافح عن دين الهدى كل مبطل ... فيبطل تمويهاته ويناضله
وعبد اللطيف الحبر لا تنس فضله ... إمام هدى بالعلم تزهو محافله
فمن رام خذلانا لهم وتنقصا ... لقدرهم بالبغي فالله خاذله
ودونك نظماً كالزلال عذوبة ... صفت للعطاش الواردين مناهله
وكل امرئ يهدي على قدر وسعه ... فدونك ما نهدي فهل أنت قابله؟
وختمي صلاة الله ثم سلامه ... على من به الإرسال عمت رسائله
محمد المبعوث من آل هاشم ... كذا الصبح ما غنت بروض بلابله
وقال رحمه الله راداً على من يفعل التذكير قبل آذان الصبح، لأن ذلك بدعة لم يرد به الكتاب ولا سنة، ويذكر غربة الدين ويحض على إتباع سنة سيد المرسلين:
أراك بذكر الهجر تهذي وتطنب ... وتبكي على أطلال سلمى وتندب
وتستوقف الركب المجدين في المسرى ... على دارس الأطلال والدمع يسكب
تذكرت لما أن هاج لك الهوى ... دياراً تعفيها جنوب وهيدب
فأضحت رسوماً باليات كأنها ... من الدرس خط في الصحائف يكتب
محا رسمها هوج الرياح وهامع ... من المزن سحاً ودقه يتحلب
فلم يبق إلا موقد النار للقرى ... وموضع أطناب الخبا حين يضرب
كأن لم يكن فيها أنيس ولم تكن ... بها الكاعب الحسناء للذيل تسحب
ولم تسرح الأنعام بين مروجها ... ولم يلتق الحيان بكر وتغلب
تسائل عن ألف نأى كل راكب ... وما صاحب الأشجان إلا معذب
لريح الصبا تصبو وتعروك هزة ... إذا ذكرت سعدى لديك وزينب
وتعجب مني إن عذلتك في الهوى ... وعشقك بعد الشيب في النفس أعجب
لئن كنت في دار عن الإلف نازحاً ... غريباً فدين الله في الأرض أغرب
وإن ذوي الإيمان والعلم والنهي ... هم الغربا طوبى لهم ما تغربوا
وقيل هم النزاع في كل قرية ... على حربهم أهل الضلال تحزبوا
ولكن فيها الظهور على العدى ... وإن كثروا أعداؤهم وتألبوا
وكم أصلحوا ما أفسد الناس بالهوى ... من السنة الغرا فطابوا وطيبوا
وقد حذر المختار من كل بدعة ... وقام بذا فوق المنابر يخطب
فقال عليكم بإتباعي وسنتي ... فعضوا عليها بالنواجذ وارغبوا
وإياكم والابتداع فإنه ... ضلال وفي نار الجحيم يكبكب
فدوموا على منهاج سنة محمد ... لكي تردوا حوض الرسول وتشربوا
فإن له حوضاً هنياً شرابهُ ... من الدر أنقى في البياض وأعذب
له يرد السني من حزب أحمد ... وعنه ينحي محدث ومكذب
وكم حدثت بعد الرسول حوادث ... يكاد لها نور الشريعة يسلب
وكم بدعة شنعاء دان بها الورى ... وكم سنة مهجورة تتجنب
لذا أصبح المعروف في الأرض منكراً ... وذو النكر معروف لديهم محبب