ولمن ليال ما ذممنا عهدها ... مذكن إلا انهن شجون
المشرقات كأنهن كواكب ... والناعمات كأنهن غصون
بيض وما ضحك الصباح وإنها ... بالمسك من طرر الحسان لجون
أدمى لها المرجان صفحة خده ... وبكى عليها اللؤلؤ المكنون
أعدى الحمام تأوهي من بعدما ... فكأنه فيما سجعن رنين
بانوا سراعاً للهوادج زفرة ... مما رأين وللعطي حنين
فكأننا صبغوا الضحى بقبابهم ... أن عصفرت فيها الخدود جفون
مإذا على حلل الشقيق لو إنها ... عن لابسيها في الخدود تبين
لأعطشن الروض بعدهم ولا ... يرونه لي دمع عليه هتون
أأعير لحظ العين بهجة منظر ... واخوانهم إني إذا لخؤون
لا الجو جو مشرق ولو اكتسى ... زهراً ولا الماء المعين معين
لا يبعدن إذا العبير له ثرى ... والبان دوح والشموس قطين
أيام فيه العبقري مفوف ... والسابري مضاعف موضون
والزاعبية شرع والمشرفية ... لمع والمقربات صفون
والعهد من ظمياء إذا لا قومها ... خزر ولا الحرب الزبون زبون
عهدي بذاك الجو وهو أسنة ... وكناس ذاك الخشف وهو عرين
هل يدنيني منه أجرد سابح ... مرح وجائله النسوع أمون
ومهند فيه الفرند كأنه ... زمر له خلف الغرار كمين
عضب المضارب مقفر من أعين ... لكنه من أنفس مسكون
قد كان رشح حديده أجلاوما ... صاغت مضاربه الرقاق قيون
وكأنما يلقى الضريبة دونه ... بأس المز أاسمه المخزون
هذا معد والخلائق كلها ... هذا المعز متوجاً والدين
إلى أن قال:
ملك كما حدثت عنه رأفه ... فالخمر ماء والشراسة لين
ووراء حق ابن الرسول ضراغم ... أسد وشهباء السلاح منون
والطالبان المشرفية والقنا ... والمدركان النصر والتمكين
وصواهل لا الهضب يوم مغارها ... هضب ولا البيد الحزون حزون
جنب الحمام وما لهن قوادم ... وعلا البربود وما لهن وكون
فلهن من ورق اللجين توجس ... ولهن من مقل الظباء شفون
فكأنها تحت الغبار كواكب ... وكأنها تحت الحديد دجون
عرفت بساعة سبقها لا أنها ... علقت بها يوم الرهان عيون
وأجل علم البرق فيها أنها ... مرت بجانحتيه وهي ظنون
في الغيث شبه من نداك كأنما ... مسحت على الأنواء منك يمين
أما الغنى فهو الذي أوليتنا ... فكأن جودك بالخلود رهين
تطأ الجياد بنا البدور كأنها ... تحت السنابك مرمر مسنون
فالفيء لا متنقل والحوض لا ... متكدر والمن لا ممنون
انظر إلى الدنيا باشفاق فقد ... ارخصت هذا العلق وهو ثمين
لو يستطيع البحر لاستعدى على ... جدوى يديك وانه لقمين
أمدده أو فاصفح له عن نيله ... فلقد تخوف أن يقال ضنين
وقد اختصرت آخر هذه القصيدة وإن كانت من جيد شعره لأنه تجاوز فيها الحد في حق أهل البيت رضي الله عنهم وقال قولاً ينافي مذهب أهل السنة والجماعة في مسألة الإمامة.
وقال يمدح جعفر بن علبون:
فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر ... وأمدكم فلق الصباح المسفر
وجنيتم ثمر الوقائع يانعاً ... بالنصر من ورق الحديد الأخضر
وضربتم هام الكماة ورغتم ... بيض الخدر بكل ليث مخدر
أبتي العوالي السمهرية والسيو ... ف المشرفية والعديد الأكثر
كل الملوك من السروج سواقط ... إلا المملك فوق ظهر الأشقر
من منكم الملك المطاع كأنه ... تحت السوابغ تبع في حمير
القائد الخيل العتاق شوازبا ... خزراً إلى لحظ السنان الأخزر
شعث النواصي حسرة إذانها ... قب الأياطل داميات الأنسر
تنبو سنا بيكهن عن عفر الثرى ... فيطأن في خد العزيز الأصغر
جيش تقدمه الليوث وفوقه ... كالغيل من قصب الوشيج الأسمر
وكأنما سلب القشاعم ريشها ... مما يشق من العجاج الأكدر
وكأنما اشتملت قناه ببارق ... متألق أو عارض مثعنجر
تمتد ألسنة الصواعق فوقه ... عن ظلتي مزن عليه كنهور