ويقوده الليث الغضنفر ... معلماً
في كل شنن اللبدتين غضنفر
نحر القبول من الدبور وسار في ... جيش الهرقل وعزمة الإسكندر
في فتية صدأ الدروع عبيرهم ... وخلوقهم علق النجيع الأحمر
لا يأكل السرحان شلو طعينهم ... مما عليه من القنا المتكسر
أنسو بهجران الأنيس كأنهم ... في عبقري البيد جنة عبقر
يغشون بالبيد القفار وإنما ... تلد البنتى في اليباب المقفر
فراوية الصنديد تخبر عنهم واسامة الصديق أصدق مخبر
قد جاورو أجم الضواري حولهم ... فإذا هم رأروا بها لم تزأر
ومشوا على قطع النفوس كأنما ... تمشي سنابك خيلهم في مرمر
قوم يبيت على الحشايا غيرهم ... ومبيتهم فوق الجياد الضمر
وتظل تسبح في الدماء قبابهم ... فكأنهن سفائن في أبحر
فحياضهم من كل مهجة خالع ... وخيامهم من كل لبدة قود
من كل أهرت كالح ذي لبدة ... أو كل أبيض واضح ذي مغفر
حي من الأعراب إلا أنهم ... يردون ماء الأمن غير نكدر
راحو إلى أم الرئال عشية ... وغدوا إلى ظبي الكثيب الأعفر
طردوا الأوابد في الفوافد طردهم ... للأعوجية في مجال العثير
ركبوا إليها يوم لهو قنيصهم ... في زيهم يوم الخميس المصحر
أنا لتجمعنا وهذا الحي من ... بكر أزمة سالف لم تخفر
أحلافنا فكأننا من نسبة ... ولداتنا فكأننا من عنصر
اللابين من الجلاد الهب ما=أغناهمخ عن لأمة وسنور
لي منهم سيف إذا جردته ... يوماً ضربت به رقاب الأعصر
وفتكت بالزمن المدجج فتكة ... البراض يوم هجائن ابن المنذر
صعب إذا نوب الزمان تصعب ... متنمر للحادث المننمر
فإذا عفا لم تلق غير مملك ... وإذا سطا لم تلق غير مظفر
وكفاك من حب السماحة إنها ... منه بموضع مقلة من محجر
فغمامة من رحمة وعراصه ... من جنسه ويمينه من كوثر
وقال يمدح القائد جوهراً، ويذكر توديعه عند خروجه من القيروان إلى مصر، ويصف مصر، ويذكر خروجه للتشييع وذلك سنة ٢٥٨.
رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع ... وقد راعني يوم من الحشر أروع
غداة كأن الأفق سد بمثله ... فعاد غروب الشمس حيث تطلع
فلم أدر إذا سامت كيف أشيع ... ولم أدر إذا شيعت كيف أودع
وكيف نخوض الجيش والجيش لجة ... وإني بمن قاد الجيوش لمولع
وأين ومالي بين ذا الجمع مسلك ... ولا لجوادي جفن ولا بات يهجع
نصيحته للملك سدت مذاهبي ... فما بين قيد الرمح والرمح إصبع
فقد ضرعت حتى الرواسي لما رأت ... فكيف قاوب الإنس والإنس أضرع
فلا عسكر من قبل عسكر جوهر ... تخب المطايا فيه عشراً وتوضع
تسير الجبال الجادمات لسيره ... وتسجد من أدنى الحفيف وتركع
إذا حل في أرض بناها مدائناً ... وإن سارعن أرض ثوت وهي بلقع
سموت له بعد الرحيل وفاتني ... فأقسمت ألا لا يلائم مضجع
فلما تداركت السرادق في الدجى ... عشوت إليه والمشاعل ترفع
فيت ويات الجيش جما سميره ... يؤرقني والجن في البيد هجع
فتخزن جيب المزن والمزن دالح ... وتوقد موج اليهم واليم أصقع
وهمهم رعد آخر الليل قاصف ... ولاحت مع الفجر البوارق تلمع
وأوحت إلينا الوحش ما الله صانع ... بنا وبكم من هول ما نتسمع
ولم تعلم الطير الحوائم فوقنا ... إلى أين نستذري ولا أين نفزع
إلى أن تبدى سيف دوله هاشم ... على وجهه نور من الله يسطع
كأن ظلال الخافقات أمامه ... غمائم نصر الله لا تتقشع
كأن السيوف المصلتات إذا طمت ... على البحر بحر زاجر الموج مترع
كأن أنابيب الصعاد أراقم ... تلفظ في أنابيبها السم مترع
كأن العتاق الجرد بجنونه له ... ضباء ثنت اجيادها فهي تتلع
كأن الكماة الصيد لما تفشمرت ... حواليه أسد الفيل لا تتكعكع
كأن حماة الرحل تحت ركابه ... سيول نداة أقبلت تتدفع
كأن سراع النجب تنشر يمنه ... على البيد آل في الضحى يترفع