أبو القاسم ملك الذي عرفت له ... حداد المواضي والعتاق الصواهل
همام له حزم وعزم ومحتد ... كريم وبأس لا يطاق ونائل
وعدل تساوى فيه سام ويافث ... وحام ومبدي صرمه والمواصل
ولا برحت تسطو ربيعة في العدى ... بمثلهم ما طبق الأرض وابل
وما ناح قمري الحمام وما دعا ... أخو فاقه واستجلب الحمد بازل
وعاشوا جميعاً في نعيم وغبطة ... وحاسدهم في غمة لا يزايل
وقال يمدح جمال الدين محمد صاحب الموصل وقد وفد إليه:
بنانك من مغدودق المزن أهطل ... وحلمك من رضوى وثبلان اثقل
ودارك دار الأمن من كل حادث ... ومنزلك المعمور للمجد منزل
إذا عد أرباب النباهة والعلى ... فأنت على رغم المعادين أول
تجاوزت مقدار الكمال فما نرى ... على كاملاً إلا وعلياك اكمل
وحزت خلال الفضل من كل وجهة ... فما فاضل إلا وعلياك أفضل
أقول ولي قلب شجاع تضمه ... جوانح يعلو الشق فيها ويسفل
ولي أنة تشجي القلوب وزفرة ... تكاد بأدناها ضلوعي تزيل
وقد كدت أن أبدي الحنين تبرماً ... من الغبن إلا أنني أتجمل
لحى الله دهراً الجأتني صروفه ... إلى حيث يلغى حق مثلي ويهمل
وعاقب قومي الغر شر عقوبة ... وخصص من ينمي علي وعبدل
فلولاهم والله يعلم ذالكم ... لما فاه لي بالمدح في الناس مقول
ولا حط بالفيحاء رحلي ولا رأت ... قرى شاطئ الزوراء شخصي وواربل
وقد كان لي في إرث جدي ووالدي ... غنى فيه المرتجي الغنى متمول
ولا استقبلت جاهي رجاله جهالة ... وجاهل قدري بالمحامد أجهل
فان يك ما أبغي ثقيلاً عليهم ... فحمل الكريم الحر للمن أثقل
فقد كان لي لولا رجاء محمد ... عن الموصل الحدبا منأى ومرحل
ولم آتها إلا على اسم رجائه ... وللخطب يرجى ذو الندى ويؤمل
ويأبى له البيت الرفيع عماده ... رجوعي بحال وصفها ليس يحمل
وكيف وعندي أنه ذو بصيرة ... إذا حارت الألباب والجد مقبل
خليلي ما كل الرجال ولو علوا ... كمال ولا كل الأقاليم موصل
هو الماجد السامي الذي لا جنابه ... بوعر ولا باب الندى منه مقفل
همام إذا استقيت مزن بنانه ... سقاك حياً من فيضه البحر يخجل
جواد إذا ما الخور عافت فصالها ... ولم يبق في البزل القراميس محمل
ضحوك إذا ما العام قطب وجهه ... عبوساً وابدي نابه وهو أعصل
على أنه البكاء في حندس الدجى ... خشوعاً ويحي ليلة وهو أليل
يقر له بالجود كعب وحاتم ... ويقضي له بالمجد زيد ودغفل
سما لذرى العلياء من قبل وائل ... وكل فتى من وائل فهو موثل
بأبائه عزت نزار وأصبحت ... تقول بعزم ما تشاء وتفعل
ملوك هم أودوا عبيد وغادرت ... صدور قناهم تبعاً يتمايل
وهم تركوا يوم الكلاب على الثرى ... شر ما يدق الهام والبيض مزعل
وآخرهم ما مثله اليوم آخر ... وأولهم ما مثله اليوم أول
وإن كمال الدين لا زال كاملا ... لأشرف أن يسمو بجد وينبل
هو الطود حلاً والمهند عزمة ... هو البحر جوداً بل عطاياه أجزل
له هيبة ملء الصدور ورهبة ... على أنه للناسك المتبتل
تولى فأولى الناس خيراً وأصبحت ... صوادي المنى من جوده وهي نهل
ولاقى البرايا خافضاً من جناحه ... وفي برده ليث كمين ومشبل
تراه فتلقى منه في السا واحداً ... ولكنه عند الملمات جحفل
صؤول ولا خيل قؤول ولاخفا ... سؤول بحال الجار والضيف فيصل
فيها أيها الساعي ليدرك شأوه ... رويدك لا يغررك سعي مضلل
عرفت بني هذا الزمان فلم أجد ... سواه إذا حمل الثقل يحمل
فكم صاحب صلحبته لا مؤمل ... ندى من يديه غير أني المؤمل
وأجهدت نفسي في الثناء كأنني ... لمجد به من كل باب موكل
إذا صدئت منه المعالي جلوتها ... بعارفة مني وللمجد صقيل
فلما رماني الدهر من قوس نازع ... وللدهر حالات تجور وتعدل
رمى مقلتي فيمن رمى وهو عالم ... بأن سوى من كاده الدهر مقبل