للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ وُجِدَ (ص ٣٥٠) فِي الْغَنَائِمِ فَرَسٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ: حَبِيسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنْ كَانُوا إنَّمَا وَجَدُوا ذَلِكَ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِحَيْثُ يَكُونُ أَغْلَبُ الرَّأْيِ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، فَالسَّبِيلُ فِيهِ التَّعْرِيفُ. بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وُجِدَ ذَلِكَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ. وَلَا يَكُونُ حَبِيسًا بِمَا عَلَيْهِ مِنْ السِّمَةِ.

لِأَنَّ السِّمَةَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ حَكِيمَةٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا الْمِلْكَ وَلَا الْيَدَ. وَإِنْ وَجَدُوا ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ هُوَ فِي يَدِ أَهْلِ الْحَرْبِ مِمَّا يَكُونُ غَالِبُ الرَّأْيِ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُشْرِكِينَ، فَإِنَّ هَذَا غَنِيمَةٌ كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ.

لِأَنَّ بِهَذِهِ السِّمَةِ لَا يَثْبُتُ اسْتِحْقَاقُ شَيْءٍ فِي الْحُكْمِ. فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُشْرِكُونَ فَعَلُوا ذَلِكَ لِيَلْبَسُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ إذَا خَرَجَ بَعْضُهُمْ إلَى الْمُعَسْكَرِ عَيْنًا يَتَجَسَّسُ أَخْبَارَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْفَرَسِ لَوْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ يَبِيعُهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ بَيْعِهِ، بِاعْتِبَارِ هَذِهِ السِّمَةِ، فَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ السِّمَةَ لَا تَكُونُ حُجَّةً فِي الْأَحْكَامِ. وَلَكِنْ لَوْ شَهِدَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مِنْ الْخَيْلِ الْحُبْسِ، وَقَدْ حَضَرَ صَاحِبُهُ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرُدُّهُ إلَيْهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ، بِغَيْرِ شَيْءٍ.

<<  <   >  >>