للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ مَنْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَغْزُو وَمَنْ لَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ]

َ قَالَ: الْمَدِينُ إذَا أَرَادَ الْغَزْوَ، وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَغْزُوَ وَيُوصِيَ إلَى رَجُلٍ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ. لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي جِنْسِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ، لَا فِي نَفْسِ الْمَدِينِ، وَبِهَذَا الْخُرُوجِ لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى رَجَعَ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَدْيُونِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ لَفْظَةَ الْإِيصَاءِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ لِلْغَزْوِ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَيَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ بِخُرُوجِهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ.

- ثُمَّ الْمَالُ، وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِلْمَدِينِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَهُوَ فِي الْحُكْمِ كَالْمَمْلُوكِ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ، فَلِهَذَا تَجِبُ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِهِ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ دُونَ الْمَدْيُونِ، فَيَكُونُ الْمَدْيُونُ فِي مَعْنَى الْمُودَعِ، وَمَنْ فِي يَدِهِ وَدَائِعُ لِلنَّاسِ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُوصِيَ بِهَا مَنْ يَدْفَعُهَا إلَى أَهْلِهَا وَيَغْزُوَ، فَكَذَلِكَ الدَّيْنُ.

أَرَأَيْت لَوْ اسْتَقْرَضَ مَالًا، وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ غَيْرُ ذَلِكَ حَتَّى بَدَا لَهُ أَنْ يَغْزُوَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ إذَا حَضَرَ فَيَغْزُوَ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ

<<  <   >  >>