للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْأَمَانِ]

٤٦ - بَابُ الْأَمَانِ ٣٧٢ - قَالَ: وَإِذَا نَادَى الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِالْأَمَانِ فَهُمْ آمِنُونَ جَمِيعًا إذَا سَمِعُوا أَصْوَاتَهُمْ (٧٣ آ) بِأَيِّ لِسَانٍ نَادَوْهُمْ بِهِ. الْعَرَبِيَّةُ وَالْفَارِسِيَّةُ وَالرُّومِيَّةُ وَالْقِبْطِيَّةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ كَتَبَ إلَى جُنُودِهِ بِالْعِرَاقِ: إنَّكُمْ إذَا قُلْتُمْ: لَا تَخَفْ، أَوْ مِتْرَسِي، أَوْ لَا تَذْهَلُ فَهُوَ آمِنٌ. فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْرِفُ الْأَلْسِنَةَ، وَالْمَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ. فَإِنَّ الْأَمَانَ الْتِزَامُ الْكَفِّ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ. ثُمَّ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ يُعْتَبَرُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِلُغَةٍ. وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي الْعِبَادَاتِ حَيْثُ لَمْ يُجَوِّزَا التَّكْبِيرَ وَالْقِرَاءَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ، لِأَنَّ تَمَامَ الْإِسْلَامِ فِي وُجُوبِ مُرَاعَاةِ النَّصِّ لَفْظًا وَمَعْنًى. وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الْمُعَامَلَاتِ. وَإِذَا كَانَ الْإِيمَانُ يَصِحُّ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ إذَا حَصَلَ بِهِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ فَالْأَمَانُ أَوْلَى. وَكَذَلِكَ التَّسْمِيَةُ عَلَى الذَّبِيحَةِ تَصِحُّ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ. فَالْأَمَانُ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

<<  <   >  >>