[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي النَّفْلِ وَالْخَاصُّ مِنْهُ]
وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ أَصَابَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الرُّبْعُ. فَهَذَا عَلَى التِّبْرِ وَالْمَضْرُوبِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ضَرْبِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُشْرِكِينَ.
لِأَنَّ اسْمَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ حَقِيقَةً. وَالِاسْتِحْقَاقُ بِنَاءٌ عَلَيْهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى بِهَذَا الِاسْمِ وَقَالَ: مَنْ أَصَابَ (ص ٢٤٤) شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، إلَّا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، كَانَ الْكُلُّ مُسْتَثْنًى بِهَذَا الِاسْمِ. فَكَذَلِكَ إذَا بَنَى الْإِيجَابَ عَلَيْهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ؟ وَكَذَلِكَ وُجُوبُ التَّقَايُضِ عِنْدَ مُبَادَلَةِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ، وَحُرْمَةِ الْفَضْلِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ. وَكَانَ التِّبْرُ وَالْمَضْرُوبُ فِي ذَلِكَ سَوَاءً.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَاشْتَرَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لَمْ يَحْنَثْ. لِأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ هُنَاكَ عَلَى الشَّرْيِ، وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْبَائِعِ. وَبَائِعُ الْمَضْرُوبِ يُسَمَّى صَيْرَفِيًّا. وَإِنَّمَا يُسَمَّى بَائِعُ الذَّهَبِ مَنْ يَبِيعُ غَيْرَ الْمَضْرُوبِ فَأَمَّا هَا هُنَا فَعُلِّقَ الِاسْتِحْقَاقُ بِحَقِيقَةِ الِاسْمِ، فَعُرُوضُهُ مِنْ الْيَمِينِ أَنْ لَوْ حَلَفَ لَا يَمَسُّ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً. وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَ الْمَضْرُوبِ. ثُمَّ الْإِيجَابُ بِطَرِيقِ التَّنْفِيلِ بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَابِ بِالْوَصِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute