[بَابُ نَفْلِ الْأَمِيرِ]
٧٣ - بَابُ نَفْلِ الْأَمِيرِ وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، ثُمَّ لَقِيَ الْأَمِيرُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، فَلَهُ السَّلَبُ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَسْتَحِقُّ.
لِأَنَّ الْغَيْرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِإِيجَابِهِ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْإِيجَابَ لِنَفْسِهِ بِوِلَايَةِ الْإِمَارَةِ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ أَنْ يَقْضِيَ لِنَفْسِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ خَصَّ نَفْسَهُ فَقَالَ: إنْ قَتَلْت قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ، لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ هُوَ كَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحُكْمِ يَصِحُّ إيجَابُهُ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا، كَمَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ. وَلِأَنَّ التَّنْفِيلَ لِلتَّحْرِيضِ، وَإِنَّمَا يُحَرِّضُ غَيْرَهُ عَلَى الْقِتَالِ لَا نَفْسَهُ. فَالْإِمَارَةُ تَكْفِيهِ لِذَلِكَ.
وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ وَجَبَ النَّفَلُ لِلْجَيْشِ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَيَسْتَحِقُّ كَمَا يَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ فِيمَا يَجِبُ شَرْعًا وَهُوَ السَّهْمُ هُوَ كَوَاحِدٍ مِنْ الْجَيْشِ، فَارِسًا أَوْ رَاجِلًا؟ فَكَذَلِكَ فِيمَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِيجَابِ.
أَرَأَيْت لَوْ بَرَزَ عِلْجٌ وَدَعَا إلَى الْبِرَازِ. فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ فَلَمْ يَتَجَاسَرْ أَحَدٌ عَلَى الْخُرُوجِ، حَتَّى خَرَجَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَهُ. كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا خَصَّ نَفْسَهُ، لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيمَا يَخُصُّ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ التَّنْفِيلِ، بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَّهَمًا فِيمَا يَقْضِي بِهِ لِنَفْسِهِ. فَأَمَّا عِنْدَ التَّعْمِيمِ فَتَنْتَفِي التُّهْمَةُ، فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِ كَمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ إبَاحَةَ التَّنَاوُلِ مِنْ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ كَمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْعَسْكَرِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا تَتَمَكَّنُ تُهْمَتُهُ فِيمَا لَا يَخْتَصُّ الْأَمِيرُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute