للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الْفِرَارِ مِنْ الزَّحْفِ]

ِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا أُحِبُّ لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِهِ قُوَّةٌ أَنْ يَفِرَّ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. وَهَذَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال: ١٦] . وَفِيهَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مَعْنَاهُ: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ، أَيْ سَرِيَّةٍ، لِلْقِتَالِ بِالْكَرَّةِ عَلَى الْعَدُوِّ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ.

أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ: أَيْ يَنْحَازُ فَيَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ. يُقَالُ: تَحَوَّزَ وَتَحَيَّزَ إلَى فُلَانٍ: أَيْ انْضَمَّ إلَيْهِ. وَالْفِئَةُ: الْقُوَّةُ وَالْجَمَاعَةُ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ. فَقَالَ قَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: كَانَ هَذَا يَوْمَ بَدْرٍ خَاصَّةً، إذْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إلَيْهَا غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَعَهُمْ. وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ هَذَا الْحُكْمُ.

وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ عَلَى مَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَمْسٌ مِنْ الْكَبَائِرِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِنَّ» وَذَكَرَ فِي الْجُمْلَةِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ. وَقَالَ:

<<  <   >  >>