للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ الشَّهِيدِ وَمَا يُصْنَعُ بِهِ]

- قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الشَّهِيدُ إذَا قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ لَمْ يُغَسَّلْ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ الشَّامِ. وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَلَكَ فِي هَذَا الْكِتَابِ لِلتَّرْجِيحِ طَرِيقًا سِوَى مَا ذَكَرَهُ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ (٦١ آ) ، وَهُوَ أَنَّهُ نَظَرَ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَأَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ الْحِجَازِ، فَرَجَحَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ فَرِيقَانِ وَأَخَذَ بِهِ دُونَ مَا تَفَرَّدَ بِهِ فَرِيقٌ وَاحِدٌ. وَهَذَا خِلَافُ مَا هُوَ الْمَذْهَبُ الظَّاهِرُ لِأَصْحَابِنَا فِي التَّرْجِيحِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ. وَعَلَيْهِ دَلَّ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: ٢٤] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٧] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْت بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: ١٠٣] . وَوَجْهُ مَا اعْتَبَرَهُ هَاهُنَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا الِاخْتِلَافِ إنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى اشْتِبَاهِ الْأَثَرِ فِيمَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَغَازِي وَكَانَ ذَلِكَ أَمْرًا ظَاهِرًا. فَتُهْمَةُ الْغَلَطِ فِيمَا تَفَرَّدَ بِهِ فَرِيقٌ وَاحِدٌ يَكُونُ أَظْهَرُ مِنْ تُهْمَةِ الْغَلَطِ فِيمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَرِيقَانِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

<<  <   >  >>