للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ مَنْ يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَمَنْ لَا يُكْرَهُ]

ُ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ مِنْهُمْ مَنْ يُقَاتِلُ دُونَ مَنْ لَا يُقَاتِلُ، فَذَكَرَ فِي جُمْلَةِ مَنْ لَا يُقَاتِلُ أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ وَالسَّيَّاحِينَ فِي الْجِبَالِ، الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ.

٢٧٥٨ - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، قَالَ: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ قَتْلِ أَصْحَابِ الصَّوَامِعِ وَالرُّهْبَانِ، فَرَأَى قَتْلَهُمْ حَسَنًا، لِأَنَّهُمْ فَرَغُوا أَنْفُسَهُمْ لِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ فَيَفْتَتِنُ النَّاسُ بِهِمْ، فَيَدْخُلُونَ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التوبة: ١٢] وَتَأْوِيلُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ فِيمَا إذَا كَانُوا يُخَالِطُونَ النَّاسَ، إمَّا خُرُوجًا إلَيْهِمْ أَوْ إذْنًا لَهُمْ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا يَحُثُّونَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَالصَّبْرِ عَلَى دِينِهِمْ، فَأَمَّا إذَا كَانُوا فِي دَارٍ أَوْ كَنِيسَةٍ قَدْ طَيَّنُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ، وَتَرَهَّبُوا فِيهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ لِوُقُوعِ الْأَمْنِ مِنْ جَانِبِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَلَا رَأْيٍ، وَلَا يُقْتَلُ مِنْهُمْ الْأَعْمَى، وَالْمُقْعَدُ، وَلَا يَابِسُ الشِّقِّ، وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ خِلَافٍ وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدِ الْيُمْنَى خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الْأَمْنُ مِنْ قِتَالِهِمْ، وَمُرَادُهُ مِنْ هَذَا إذَا كَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ بِمَالٍ وَلَا بِرَأْيٍ.

<<  <   >  >>