للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابٌ الْعَيْنُ يُصِيبُهُ الْمُسْلِمُونَ]

١٩٠ - بَابٌ الْعَيْنُ يُصِيبُهُ الْمُسْلِمُونَ قَالَ: وَإِذَا وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ عَيْنًا لِلْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَكْتُبُ إلَيْهِمْ بِعَوْرَاتِهِمْ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ طَوْعًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَلَكِنَّ الْإِمَامَ يُوجِعُهُ عُقُوبَةً وَقَدْ أَشَارَ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي كَلَامِهِ إلَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا حَقِيقَةً، فَإِنَّهُ قَالَ مِمَّنْ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، وَقَالَ: يَوْجَعُ عُقُوبَةً وَلَمْ يَقُلْ: يُعَزَّرُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ يُسْتَعْمَلُ لَفْظُ التَّعْزِيرِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَا بِهِ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ، فَلَا نُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ فِي الظَّاهِرِ مَا لَمْ يَتْرُكْ مَا بِهِ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى مَا صَنَعَ الطَّمَعُ، لَا خُبْثُ الِاعْتِقَادِ، وَهَذَا أَحْسَنُ الْوَجْهَيْنِ، وَبِهِ أُمِرْنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨] . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَطْلُبَنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ فِي أَخِيك سُوءًا وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مَحْمَلًا» .

وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ «حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ فَإِنَّهُ كَتَبَ إلَى قُرَيْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، يَغْزُوكُمْ فَخُذُوا حِذْرَكُمْ. . . الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: مَهْلًا يَا عُمَرُ فَلَعَلَّ اللَّهَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ» .

فَلَوْ كَانَ بِهَذَا كَافِرًا

<<  <   >  >>