للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ مَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْعَلُوهُ بِالْعَدُوِّ وَمَا لَا يَحِلُّ]

٣٠٥٩ - قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِتَحْرِيقِ حُصُونِهِمْ وَتَغْرِيقِهَا مَا دَامُوا مُمْتَنِعِينَ فِيهَا، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أُسَرَاءَ أَوْ مُسْتَأْمَنِينَ أَوْ لَمْ يَكُونُوا، وَالْأَوْلَى لَهُمْ إذَا كَانُوا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الظَّفَرِ بِهِمْ بِوَجْهٍ آخَرَ أَلَّا يُقْدِمُوا عَلَى التَّغْرِيقِ وَالتَّحْرِيقِ.

لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إتْلَافَ مَنْ فِيهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانُوا وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا، فَفِي ذَلِكَ إتْلَافُ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَذَلِكَ حَرَامٌ شَرْعًا، فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ، وَالضَّرُورَةُ فِيهِ أَلَا يَكُونَ لَهُمْ طَرِيقٌ آخَرُ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ الظَّفَرِ بِهِمْ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ، أَوْ يَلْحَقُهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ حَرَجٌ عَظِيمٌ وَمَئُونَةٌ شَدِيدَةٌ، فَحِينَئِذٍ لِدَفْعِ هَذِهِ الْمَئُونَةِ يُبَاحُ لَهُمْ التَّحْرِيقُ، وَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْإِبَاحَةِ مُطْلَقًا مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ أَلَّا يَلْزَمَهُمْ دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ قَتْلِ مَحْظُورٍ وَهَذَا قِتَالٌ مَأْمُورٌ بِهِ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً.

٣٠٦٠ - وَالسَّفِينَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْحِصْنِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ إنْ تَتَرَّسُوا بِأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْهُمْ وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْصِدُوا بِفِعْلِهِمْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْمُقَاتِلِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ.

<<  <   >  >>