[بَابُ الْإِمَارَةِ]
٤٣ - قَالَ: يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةً قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ أَنْ لَا يَبْعَثَهُمْ حَتَّى يُؤَمِّرَ عَلَيْهِمْ بَعْضَهُمْ، وَإِنَّمَا يَجِبُ هَذَا «اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنَّهُ دَاوَمَ عَلَى بَعْثِ السَّرَايَا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ» . وَلَوْ جَازَ تَرْكُهُ لَفَعَلَهُ مَرَّةً تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ، وَلِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى اجْتِمَاعِ الرَّأْيِ وَالْكَلِمَةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إذَا أَمَّرَ عَلَيْهِمْ بَعْضَهُمْ حَتَّى إذَا أَمَرَهُمْ بِشَيْءٍ أَطَاعُوهُ فِي ذَلِكَ، فَالطَّاعَةُ فِي الْحَرْبِ أَنْفَعُ مِنْ بَعْضِ الْقِتَالِ. وَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْإِمَارَةِ بِدُونِ الطَّاعَةِ. قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ أَطَاعَنِي فَلْيُطِعْ أَمِيرِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي» .
٤٤ - ثُمَّ اسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا قُلْنَا بِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «إذَا اجْتَمَعَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ» وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهُمْ. ثُمَّ قَالَ: «إذَا أَمَّهُمْ فَهُوَ أَمِيرُهُمْ» ، فَذَلِكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَبِنَحْوِ هَذَا الْحَدِيثِ اسْتَدَلَّ الصَّحَابَةُ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute