للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ هَدِيَّةِ أَهْلِ الْحَرْبِ]

٢٣١٩ - وَإِذَا بَعَثَ مَلِكُ الْعَدُوِّ إلَى أَمِيرِ الْجُنْدِ بِهَدِيَّةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْبَلَهَا وَيَصِيرَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْبَلُ هَدِيَّةَ الْمُشْرِكِينَ فِي الِابْتِدَاءِ، عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى أَبِي سُفْيَانَ تَمْرَ عَجْوَةٍ، وَاسْتَهْدَاهُ أَدْمًا. ثُمَّ لَمَّا ظَهَرَ مِنْهُمْ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِي طَلَبِ الْعِوَضِ أَبَى قَبُولَ الْهَدِيَّةِ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّا لَا نَقْبَلُ زَبَدَ الْمُشْرِكِينَ. فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ لِلْأَمِيرِ رَأْيًا فِي قَبُولِ ذَلِكَ. وَلِأَنَّ فِي الْقَبُولِ مَعْنَى التَّأْلِيفِ، وَفِي الرَّدِّ إظْهَارَ مَعْنَى الْغِلْظَةِ وَالْعَدَاوَةِ.

٢٣٢٠ - وَإِذَا طَمِعَ فِي إسْلَامِهِمْ فَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَى أَنْ يُؤَلِّفَهُمْ فَيَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ، وَيُهْدِيَ إلَيْهِمْ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» . وَإِذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي إسْلَامِهِمْ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَ مَعْنَى الْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ عَلَيْهِمْ بِرَدِّ الْهَدِيَّةِ، فَإِنْ قَبِلَهَا كَانَ ذَلِكَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّهُ مَا أَهْدَى إلَيْهِ بِعَيْنِهِ، بَلْ لِمَنَعَتِهِ، وَمَنَعَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الْمُصَابِ بِقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

<<  <   >  >>