٢٣٢١ - وَهَذَا بِخِلَافِ مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْهَدِيَّةِ، فَإِنَّ قُوَّتَهُ وَمَنَعَتَهُ لَمْ تَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَاَللَّهُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] فَلِهَذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَهُ خَاصَّةً. ثُمَّ الَّذِي حَمَلَ الْمُشْرِكَ عَلَى الْإِهْدَاءِ إلَيْهِ خَوْفُهُ مِنْهُ، وَطَلَبُ الرِّفْقِ بِهِ وَبِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ، وَتَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ بِعَسْكَرِهِ، فَكَانَتْ الْهَدِيَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ إلَى قَائِدٍ مِنْ قُوَّادِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَهُ عُدَّةٌ وَمَنَعَةٌ. لِأَنَّ الرَّهْبَةَ مِنْهُ وَالرَّغْبَةَ فِي التَّأَلُّفِ مَعَهُ بِالْهَدِيَّةِ لِيَرْفُقَ بِهِ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ إنَّمَا كَانَ بِاعْتِبَارِ مَنَعَتِهِ، وَذَلِكَ بِمَنْ تَحْتَ رَايَتِهِ، وَبِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ.
٢٣٢٢ - وَإِنْ كَانَ أَهْدَى إلَى بَعْضِ الْمُبَارِزِينَ، أَوْ إلَى رَجُلٍ مِنْ عَرْضِ الْعَسْكَرِ، فَذَلِكَ لَهُ خَاصَّةً. لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ إلَى مِثْلِهِ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْخَوْفِ مِنْهُ، أَوْ طَلَبِ الرِّفْقِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَذَلِكَ الْخَوْفُ بِاعْتِبَارِ قُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، لَا لِغَيْرِهِ، إذْ لَا مَنَعَةَ لَهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَالِمًا لَهُ خَاصَّةً.
٢٣٢٣ - وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ أَهْدَى إلَى مُفْتٍ أَوْ وَاعِظٍ شَيْئًا، فَإِنَّ ذَلِكَ سَالِمٌ لَهُ خَاصَّةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute