للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ الْمُكْرَهِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ]

ِ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَطَاءٍ فِي الرَّجُلِ يُكْرَهُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ قَالَ: إنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى يُقْتَلَ أَصَابَ خَيْرًا، وَإِنْ أَكَلَ وَشَرِبَ فَهُوَ فِي عُذْرٍ، وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِهَذَا، بَلْ نَقُولُ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدَعَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ عِنْدَ خَوْفِ الْقَتْلِ، وَهُوَ قَوْلُ مَسْرُوقٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ اُضْطُرَّ فَلَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ، فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ، وَأَبُو يُوسُفَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ، أَخَذَ بِقَوْلِ عَطَاءٍ، وَجَعَلَ ذَلِكَ قِيَاسَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إنَّ الْحُرْمَةَ تَنْكَشِفُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَثْنَى مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ} [الأنعام: ١١٩] . وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ التَّحْرِيمِ إبَاحَةٌ، وَبَعْدَمَا انْكَشَفَتْ الْحُرْمَةُ اُلْتُحِقَ هَذَا بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَإِذَا امْتَنَعَ عَنْ تَنَاوُلِهِ حَتَّى يُقْتَلَ كَانَ آثِمًا، بِخِلَافِ الْكُفْرِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْكَشِفُ، وَلَكِنْ يُرَخَّصُ لَهُ فِي إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ، فَهُوَ بِالِامْتِنَاعِ يَكُونُ مُتَمَسِّكًا

<<  <   >  >>