للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا غَيْرَ الَّذِي جَاءَ بِهِ شَهِدَ أَنَّهُ آمَنَهُ. لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ.

وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الْهُرْمُزَانِ، فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لَهُ: تَكَلَّمْ، لَا بَأْسَ عَلَيْك، أَوْ تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ حَيٍّ. ثُمَّ اشْتَبَهَ ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ. فَشَهِدَ لَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ مَعَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَشَهِدَ بِذَلِكَ، فَآمَنَهُ عُمَرُ.

فَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى أَمَانِ غَيْرِهِمَا.

لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ مُنْكِرٌ لِلْأَمَانِ، وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِهِ لَمْ تَكُنْ شَهَادَتُهُ حُجَّةً عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ شَاهِدَانِ سِوَاهُ حَتَّى يَثْبُتَ الْأَمَانُ، إلَّا فِي حَقِّ الرَّسُولِ خَاصَّةً إذَا عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ قَدْ أَخْبَرَهُمْ بِالْأَمَانِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ ائْتَمَنُوهُ عَلَى الرِّسَالَةِ. فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ خِيَانَةٌ فَذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَلَّى قَاضِيًا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ فَأَخْطَأَ فِي إقَامَةِ حَدٍّ مِنْ رَجْمٍ أَوْ قَطْعٍ فِي سَرِقَةٍ كَانَ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّهُمْ وَلَّوْهُ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَخَطَؤُهُ عَلَيْهِمْ، كَذَلِكَ الرَّسُولُ حِينَ وَلَّوْهُ الرِّسَالَةَ فَخَطَؤُهُ وَجِنَايَتُهُ تَكُونُ عَلَيْهِمْ دُونَ أَهْلِ الْحَرْبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ السَّرِيَّةِ تُؤَمِّنُ أَهْلَ الْحِصْنِ ثُمَّ تَلْحَقُهَا سَرِيَّةُ أُخْرَى]

٧٢١ -

<<  <   >  >>