للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ مَا يَسَعُ الرَّجُلُ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا أَهْوَى إلَى الْهَلَاك]

١٥١ - بَابُ مَا يَسَعُ الرَّجُلُ الْمُسْلِم أَنْ يَفْعَلَ أَيَّهمَا شَاءَ

٢٩٥٥ - وَإِذَا أَحْرَقَ الْمُشْرِكُونَ سَفِينَةً مِنْ سَفَائِنِ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَنْ فِي السَّفِينَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَحْتَرِقَ، وَإِنْ شَاءَ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَغْرَقَ.

لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ هَلَاكِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَهُ غَرَضٌ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَالنَّارُ يَكُونُ أَسْرَعَ لِهَلَاكِهِ، وَلَكِنْ فِيهِ زِيَادَةُ الْأَلَمِ مِنْ حَيْثُ تَفْرِيقِ الْأَعْضَاءِ، وَالْمَاءُ أَبْطَأُ لِهَلَاكِهِ وَلَكِنْ فِيهِ زِيَادَةُ الْغَمِّ وَطَبَائِعُ النَّاسِ فِي هَذَا مُخْتَلِفَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ أَلَمَ الْجَرْحِ وَسُرْعَةَ الِاسْتِرَاحَةِ عَلَى غَمِّ الْمَاءِ وَبُطْءِ الْهَلَاكِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ غَمَّ الْمَاءِ عَلَى أَلَمِ الْجِرَاحَةِ، فَلَهُ أَنْ يَمِيلَ إلَى أَيِّ الْجَانِبَيْنِ شَاءَ.

٢٩٥٦ - وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَذَا عَلَى وُجُوهٍ؛ إنْ كَانَ يَطْمَعُ فِي النَّجَاةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَيَخَافُ الْهَلَاكَ فَلَهُ الْخِيَارُ.

لِأَنَّهُ إنْ صَبَرَ فَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ تَحْصِيلَ النَّجَاةِ الَّتِي يَطْمَعُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ، فَإِنَّمَا يَقْصِدُ تَحْصِيلَ النَّجَاةِ بِفِعْلِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ.

<<  <   >  >>