٢٩٥٧ - وَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْهَلَاكِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ يَرْجُو النَّجَاةَ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْنَعَ مَا يَرْجُو فِيهِ النَّجَاةَ.
لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِ سَبَبِ الْهَلَاكِ عَنْ نَفْسِهِ بِحَسَبِ الْوُسْعِ مَنْهِيٌّ عَنْ قَتْلِ نَفْسِهِ.
٢٩٥٨ - وَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْهَلَاكِ فِيهِمَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَصْبِرَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ.
لِأَنَّهُ إنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ صَارَ هَالِكًا بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ صَبَرَ صَارَ هَالِكًا بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَلَأَنْ يَهْلَكَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَهْلَكَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ ظَالِمًا لَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ: لَتَقْتُلَن نَفْسَك أَوْ لَأَقْتُلَنَّكَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، لِهَذَا الْمَعْنَى.
وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، يَقُولُ: الِاسْتِدَامَةُ فِيمَا يُسْتَدَامُ كَالْإِنْشَاءِ، فَالْمُقَامُ فِي مَكَانِهِ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَيْهِ النَّارُ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا أَنَّ إلْقَاءَ نَفْسِهِ فِي الْمَاءِ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ تَيَقُّنَهُ فِيمَا هَدَّدَهُ بِهِ الْمُكْرِهُ لَيْسَ كَتَيَقُّنِهِ فِيمَا يَفْعَلُ بِنَفْسِهِ، فَقَدْ يُهَدِّدُ الْمُكْرِهُ ثُمَّ لَا يُحَقِّقُ، وَهَا هُنَا تَيَقُّنُهُ فِي الْهَلَاكِ فِي الْجَانِبَيْنِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ.
٢٩٥٩ - وَاسْتَشْهَدَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِرَجُلٍ يَدْخُلُ فِي بَيْتٍ إلَى جَانِبِهِ بَيْتٌ، فَوَقَعَ الْحَرِيقُ فِي الْبَيْتَيْنِ، وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْهَلَاكِ إنْ ثَبَتَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ وَثَبَ إلَى الْبَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute