[بَابُ أَثْمَانِ الْغَنَائِمِ الَّتِي يُبَرِّئُ الْإِمَامُ مِنْهَا أَهْلَهَا]
١٩٧٥ - قَالَ: قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَسَمَ الْغَنَائِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَاعَهَا ثُمَّ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ لَمْ يُشَارِكُوهُمْ فِيهَا.
لِأَنَّ بِالْقِسْمَةِ قَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي نَصِيبِهِ، فَلَوْ ثَبَتَ لِلْمَدَدِ شَرِكَةٌ لَثَبَتَ بِطَرِيقِ الْغَنِيمَةِ، فَالْمُسْلِمُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْحَقُّ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ بِطَرِيقِ الْغَنِيمَةِ. وَكَذَلِكَ بِالْبَيْعِ قَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي، فَتَعَذَّرَ إثْبَاتُ الشَّرِكَةِ لِلْمَدَدِ فِي الْمَبِيعِ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ الشَّرِكَةُ فِي الثَّمَنِ أَيْضًا، سَوَاءٌ قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَقْبِضْ.
لِأَنَّ وُجُوبَ الثَّمَنِ لِلْغَانِمِينَ بِالْبَيْعِ. وَالشَّرِكَةُ فِي الْغَنِيمَةِ لَا فِيمَا صَارَ مُسْتَحَقًّا لَهُمْ بِالْعَقْدِ.
وَلِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي تَقَابُلَ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمِلْكِ، وَكَمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ يَثْبُتُ لِلْغَانِمِينَ فِي الثَّمَنِ. فَكَانَ ذَلِكَ أَقْوَى فِي قَطْعِ الشَّرِكَةِ مِنْ تَأَكُّدِ حَقِّهِمْ بِالْإِحْرَازِ. وَلِأَنَّ الْإِمَامَ نَائِبٌ عَنْهُمْ فِي الْبَيْعِ، فَكَأَنَّهُمْ بَاعُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَنُفُوذُ الْبَيْعِ مِنْ جِهَتِهِمْ آيَةُ تَأَكُّدِ حَقِّهِمْ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ، وَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ.
١٩٧٦ - فَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِينَ لَمْ يَنْقُدُوا الثَّمَنَ وَقَبَضُوا مَا اشْتَرَوْا، ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْمُشْرِكُونَ، وَقَدْ عَلِمَ الْأَمِيرُ أَنَّهُ لَا طَاقَةَ لِلْمُسْلِمِينَ (ص ٣٥٦)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute