بِهِمْ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ اشْتَرَى مِنَّا شَيْئًا فَلْيَطْرَحْهُ. وَتَجَمَّعُوا حَتَّى تَبْلُغُوا مَأْمَنَكُمْ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ فَفَعَلُوا ذَلِكَ، ثُمَّ طَالَبَهُمْ الْأَمِيرُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ مَا خَرَجُوا، فَقَالُوا: قَدْ طَرَحْنَا مَا اشْتَرَيْنَا بِأَمْرِك، فَلَا ثَمَنَ لَك عَلَيْنَا. أَوْ قَالُوا: اضْمَنْ لَنَا قِيمَتَهُ. فَإِنْ كَانُوا طَرَحُوا ذَلِكَ طَائِعِينَ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَى الْأَمِيرِ، وَعَلَيْهِمْ مَا الْتَزَمُوا مِنْ الثَّمَنِ.
لِأَنَّ حُكْمَ الْبَيْعِ فِي الْمَبِيعِ قَدْ انْتَهَى بِالتَّسْلِيمِ وَالْتَحَقَ بِسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ، فَهُمْ قَوْمٌ أَتْلَفُوا مِلْكَهُمْ طَوْعًا. وَالْأَمِيرُ أَشَارَ عَلَيْهِمْ بِمَشُورَةٍ، فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ غُرْمًا لَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الثَّمَنُ الَّذِي تَقَرَّرَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِمْ.
١٩٧٧ - وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِوَعِيدٍ مُتْلِفٍ نَظَرَ الْخَلِيفَةُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ نَظَرًا لَهُمْ لَمْ يَضْمَنْ لَهُمْ شَيْئًا مِمَّا طَرَحُوا.
لِأَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا مِنْ جِهَتِهِ بِالنَّظَرِ لَهُمْ، وَقَدْ فَعَلَ. وَلِأَنَّهُ أَكْرَهَهُمْ عَلَى مَا يَحِقُّ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ شَرْعًا، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ مَأْمُورٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَالَهُ وِقَايَةً لِنَفْسِهِ، وَهُوَ مَا أَمَرَهُمْ إلَّا بِذَلِكَ، وَالْمُكْرَهُ بِحَقٍّ يَكُونُ مُحْسِنًا، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ.
١٩٧٨ - وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَكْرَهَهُمْ لَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُمْ ضَمِنَ لَهُمْ قِيمَةَ مَا طَرَحُوا.
لِأَنَّهُ مَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فِيمَا أَكْرَهَهُمْ عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ، فَكَانُوا بِمَنْزِلَةِ الْآلَةِ لَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِكْرَاهِ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُمْ وَطَرَحَهُ، فَيَضْمَنُ لَهُمْ قِيمَتَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute