[بَابُ اتِّخَاذِ الْأَنْفِ مِنْ الذَّهَبِ]
وَذَكَرَ «عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ أَنَّهُ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ، فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» .
وَبِهَذَا يَأْخُذُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَيَقُولُ: - لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إذَا سَقَطَ سِنُّهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَّخِذَ سِنًّا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ يُضَبِّبَ أَسْنَانَهُ مِنْ ذَهَبٍ. وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ إبْرَاهِيمَ.
وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: يُكْرَهُ ذَلِكَ. وَلَا يَرَى بَأْسًا بِأَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْفِضَّةِ لِلِانْتِفَاعِ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ دُونَ اسْتِعْمَالِ الذَّهَبِ، بِدَلِيلِ اتِّخَاذِ الْخَاتَمِ.
وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ عَرْفَجَةَ بِهَذِهِ الرُّخْصَةِ. ثُمَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْعَامَّ الْمُتَّفَقَ عَلَى قَبُولِهِ يَتَرَجَّحُ عَلَى الْخَاصِّ. فَرَجَّحَ الْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الذَّهَبَ بِيَمِينِهِ وَالْحَرِيرَ بِشِمَالِهِ وَقَالَ: «هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ» (٤١ ب) ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute