للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَابُ مَا لَا يَكُونُ أَمَانًا]

٤٤ - بَابُ مَا لَا يَكُونُ أَمَانًا ٣٦٥ - قَالَ: وَإِذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ أَمَانٍ فَأَخَذَهُ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ لَهُمْ: أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، أَوْ جِئْت أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَ مَعَكُمْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ وَيَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا شَاءَ. لِأَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ لَيْسَ بِأَمَانٍ مِنْهُ لَهُمْ، إنَّمَا هُوَ خِدَاعٌ بِاسْتِعْمَالِ مَعَارِيضِ الْكَلَامِ. فَإِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ: أَيْ آدَمِيٌّ مِنْ جِنْسِكُمْ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: جِئْت لِأُقَاتِلَ مَعَكُمْ الْمُسْلِمِينَ: أَيْ أَهْلَ الْبَغْيِ إنْ نَشِطْتُمْ فِي ذَلِكَ، أَوْ أَضْمَرَ فِي كَلَامِهِ: عَنْ، أَيْ جِئْت لِأُقَاتِلَ مَعَكُمْ دَفْعًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ. وَلَوْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ أَمَانًا مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ أَسِيرٌ مَقْهُورٌ فِي أَيْدِيهِمْ فَكَيْفَ يُؤَمِّنُهُمْ، إنَّمَا حَاجَتُهُ إلَى طَلَبِ الْأَمَانِ مِنْهُمْ. وَلَيْسَ فِي هَذَا اللَّفْظِ مِنْ طَلَبِ الْأَمَانِ شَيْءٌ.

٣٦٦ - ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْآثَارِ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ (٦٩ ب) رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ سَرِيَّةً وَحْدَهُ إلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ إلَى نَخْلَةَ أَوْ بِعُرَنَةَ. وَبَلَغَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ يَجْمَعُ لَهُ، أَيْ جَمَعَ الْجَيْشَ لِقِتَالِهِ، وَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ وَقَالَ: انْتَسِبْ إلَى خُزَاعَةَ. وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ سُفْيَانَ كَانَ مِنْهُمْ.

<<  <   >  >>