[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ النَّفْلِ بَعْدَ إصَابَةِ الْغَنِيمَةِ وَمَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ مِنْهُ]
- قَالَ: وَلَوْ أَنَّ سَرِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ أَصَابُوا غَنَائِمَ فَعَجَزُوا عَنْ حَمْلِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَأَرَادَ الْأَمِيرُ إحْرَاقَهَا أَوْ تَرْكَهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: مَنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. فَهَذَا جَائِزٌ. وَمَنْ تَكَلَّفَ مِنْهُمْ فَأَخْرَجَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ.
لِأَنَّ هَذَا تَنْفِيلٌ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَإِنَّمَا كَرِهْنَا التَّنْفِيلَ بَعْدَ الْإِصَابَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ بَعْضِ الْغَانِمِينَ بَعْدَ مَا ثَبَتَ حَقُّهُمْ فِي الْمُصَابِ. وَالْإِبْطَالُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْحِفْظِ، وَتَأْكِيدِ حَقِّهِمْ بِالْإِخْرَاجِ. فَأَمَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ فَهَذَا لَا يَكُونُ إبْطَالًا لِحَقِّ أَحَدٍ.
يُوضِحُهُ أَنَّ لَهُ إحْرَاقَ الْجَمَادَاتِ (ص ٢٦٦) مِنْهَا وَذَبْحَ الْحَيَوَانَاتِ، ثُمَّ الْإِحْرَاقُ أَوْ تَرْكُهَا فِي مَضْيَعَةٍ. وَفِي ذَلِكَ إبْطَالُ حَقِّ الْكُلِّ. فَمِنْ ضَرُورَةِ جَوَازِ ذَلِكَ جَوَازُ إبْطَالِ حَقِّ الْبَعْضِ بِتَخْصِيصِ الْبَعْضِ بِطَرِيقِ التَّنْفِيلِ.
وَلِأَنَّ فِي الْإِحْرَاقِ إبْطَالَ حَقٍّ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي التَّنْفِيلِ تَوْفِيرُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى بَعْضِهِمْ. فَكَانَ الْمِيلُ إلَى هَذَا الْجَانِبِ أَوْلَى
- فَأَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِخْرَاجِ أَوْ الْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute