للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ أَمَانِ الرَّسُولِ إلَى أَمِيرِ حِصْنٍ فِي حَاجَةٍ]

٥٧ - بَابُ أَمَانِ الرَّسُولِ ٧٠٣ - قَالَ: فَإِذَا أَرْسَلَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ رَسُولًا إلَى أَمِيرِ حِصْنٍ فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَذَهَبَ الرَّسُولُ وَهُوَ مُسْلِمٌ. فَلَمَّا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ قَالَ: إنَّهُ أَرْسَلَ عَلَى لِسَانِي إلَيْكَ الْأَمَانَ، لَكَ وَلِأَهْلِ مَمْلَكَتِك، فَافْتَحْ الْبَابَ. وَأَتَاهُ بِكِتَابٍ افْتَعَلَهُ عَلَى لِسَانِ الْأَمِيرِ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَوْلًا، وَحَضَرَ الْمَقَالَةَ نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. فَلَمَّا فَتَحَ الْبَابَ دَخَلَ الْمُسْلِمُونَ وَجَعَلُوا يَسْبُونَ. فَقَالَ أَمِيرُ الْحِصْنِ: إنَّ رَسُولَكُمْ أَخْبَرَنَا أَنَّ أَمِيرَكُمْ أَمَّنَنَا وَشَهِدَ أُولَئِكَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَقَالَتِهِمْ. فَالْقَوْمُ آمِنُونَ، يُرَدُّ عَلَيْهِمْ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ.

لِأَنَّ عِبَارَةَ الرَّسُولِ كَعِبَارَةِ الْمُرْسِلِ فَكَأَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ أَمَّنَهُمْ.

فَإِنْ قِيلَ: عِبَارَةُ الرَّسُولِ كَعِبَارَةِ الْمُرْسِلِ فِيمَا جَعَلَهُ رَسُولًا فِيهِ، فَأَمَّا فِيمَا افْتَعَلَهُ فَلَا. قُلْنَا: هَذَا التَّمْيِيزُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ.

لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى ذَلِكَ. وَإِنَّمَا الَّذِي فِي وُسْعِهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يُخْبِرُ بِهِ الرَّسُولُ، فَلِهَذَا يُجْعَلُ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَأَنَّهُ حَقٌّ بَعْدَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ رَسُولٌ. وَهَذَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُرْسِلِ أَنْ يَخْتَارَ لِرِسَالَتِهِ الْأَمِينَ دُونَ الْخَائِنِ، وَالصَّادِقَ دُونَ الْكَاذِبِ. فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ مَا يُخْبِرُ الرَّسُولُ بِهِ كَأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ حَقِّهِمْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الْغُرُورِ، وَذَلِكَ حَرَامٌ.

أَرَأَيْت لَوْ نَادَاهُمْ الْأَمِيرُ: إنَّ هَذَا رَسُولِي فِي كُلِّ مَا يَجْرِي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.

<<  <   >  >>