للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ]

٣٨٢٦ - وَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَرَمَى مُشْرِكٌ أَخَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَصَابَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُشْرِكُ، ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ وَلَا وَارِثَ لِلْمَقْتُولِ غَيْرُ أَخِيهِ فَمِيرَاثُهُ لِأَخِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الَّذِي رَمَى الْمُشْرِكَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ مَاتَ.

أَمَّا فِي هَذَا الْفَصْلِ فَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَقٍّ، وَالْقَتْلُ بِحَقٍّ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْمِيرَاثِ، كَمَا لَوْ قَتَلَ مُورَثَهُ قِصَاصًا أَوْ رَجْمًا، وَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ قَتَلَهُ، وَهُوَ مُحَارِبٌ لَهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ التَّأْوِيلَ الْبَاطِلَ مُلْحَقٌ بِالتَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْإِثْمِ.

أَلَا تَرَى - أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَسْتَوْجِبُ قِصَاصًا وَلَا دِيَةً بِقَتْلِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا لَا يَسْتَوْجِبُ الْمُسْلِمُ ذَلِكَ.

وَعَلَى هَذَا أَهْلُ الْبَغْيِ مَعَ أَهْلِ الْعَدْلِ، فَإِنَّ الْعَادِلَ إذَا قَتَلَ مُورَثَهُ الْبَاغِيَ لَمْ يُحْرَمْ الْمِيرَاثَ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ بِحَقٍّ، وَالْبَاغِي إذَا قَتَلَ مُورَثَهُ الْعَادِلَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الْفَاسِدَ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْمَنَعَةُ كَانَ مُلْحَقًا بِالتَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ، إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ:

<<  <   >  >>