هَا هُنَا: لَا يَرِثُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ الْبَاغِيَ مُسْلِمٌ مُخَاطَبٌ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ قَتْلُهُ الْعَادِلَ قَتْلًا مَحْظُورًا، وَحِرْمَانُ الْمِيرَاثِ جَزَاءُ الْقَتْلِ الْمَحْظُورِ، فَأَمَّا الْكَافِرُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ بِقَتْلِهِ.
٣٨٢٧ - لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَلَكِنْ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، أَصَحُّ، فَإِنَّ الْقَتْلَ الْمَوْجُودَ مِنْ الْبَاغِي كَالْمَوْجُودِ مِنْ الْكَافِرِ، فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِهِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ، لِوُجُودِ التَّأْوِيلِ وَالْمَنَعَةِ، فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ حُكْمَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ ثَابِتٌ بِنَصٍّ يُتْلَى، وَحِرْمَانُ الْمِيرَاثِ بِالْقَتْلِ ثَابِتٌ بِخَبَرٍ يُرْوَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا يَثْبُتُ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ فَهُوَ أَوْلَى.
٣٨٢٨ - وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ الْأَبُ وَالِابْنُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ مِنْ الْمَقْتُولِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْقَتْلِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَسِيرَيْنِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ هُنَاكَ لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ تَأَوَّلَهُ الْقَاتِلُ بَلْ لِانْعِدَامِ الْإِحْرَازِ الَّذِي هُوَ مُقَوِّمٌ لِلدَّمِ، وَبِهِ لَا يَخْرُجُ الْقَتْلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَأَمَّا هَا هُنَا امْتِنَاعُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ لِاعْتِبَارِ تَأْوِيلٍ تَأَوَّلَهُ الْقَاتِلُ، وَلَمَّا جُعِلَ ذَلِكَ التَّأْوِيلُ بِمَنْزِلَةِ التَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ فِي حُكْمِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ حِرْمَانِ الْمِيرَاثِ.
٣٨٢٩ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute