وَالثَّمَنُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُشْتَرِينَ فِي الْوَجْهَيْنِ.
لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِمْ، وَإِتْلَافُ الْبَيْعِ بَعْدَ تَقَرُّرِ الثَّمَنِ وَانْتِهَاءِ الْعَقْدِ لَا يُسْقِطُ الثَّمَنَ، سَوَاءٌ حَصَلَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْبَائِعِ.
١٩٧٩ - وَلَوْ كَانَ قَالَ: لِيَطْرَحْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا اشْتَرَى مِنِّي وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الثَّمَنِ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ إنْ طَرَحَهُ فَقَدْ أَبْرَأْته مِنْ الثَّمَنِ، فَطَرَحُوا طَائِعِينَ أَوْ مُكْرَهِينَ، فَالثَّمَنُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ.
لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ الْأَمِيرِ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الثَّمَنِ فِيمَا بَاعَهُ لِلْغَانِمِينَ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَلْتَزِمُ الْعُهْدَةَ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ مِنْهُ، فَيَكُونُ كَالرَّسُولِ فِي الْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الثَّمَنِ.
١٩٨٠ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا فِي السَّفِينَةِ فَاحْتَاجُوا إلَى أَنْ يُخَفِّفُوهَا فَأَمَرَهُمْ بِالطَّرْحِ فِي الْمَاءِ، فَهُوَ كَالْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.
١٩٨١ - وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَائِعُ الْأَطْعِمَةِ فِي السَّفِينَةِ مُتَصَرِّفًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ نَادَاهُمْ: مَنْ طَرَحَ شَيْئًا مِمَّا اشْتَرَاهُ مِنِّي فِي الْمَاءِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ اطْرَحُوا عَلَى أَنَّكُمْ بُرَآءُ مِنْ الثَّمَنِ، فَهَذَا بَاطِلٌ، وَعَلَيْهِمْ الثَّمَنُ لَهُ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ الثَّمَنُ هُنَا.
لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لِلْإِبْرَاءِ عَنْ الثَّمَنِ. وَلَكِنْ نَقُولُ: إنَّهُ عَلَّقَ الْإِبْرَاءَ بِالشَّرْطِ، وَالْإِبْرَاءُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَالْعَقْدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute