١٩٨٢ - وَلَوْ قَالَ لَهُمْ رَجُلٌ آخَرُ: اطْرَحُوهُ عَلَى أَنَّ عَلَيَّ ثَمَنَهُ، أَوْ قِيمَتِهِ لَكُمْ، لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْبَائِعُ ذَلِكَ.
وَهَذَا لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ صَارَ فِي مِلْكِهِمْ وَضَمَانِهِمْ، فَمَنْ يُنَادِيهِمْ بِالطَّرْحِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مُشِيرًا عَلَيْهِمْ بِمَا يَفْعَلُونَهُ فِي مِلْكِهِمْ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ سَبَبًا فِي الضَّمَانِ عَلَيْهِ، إذَا فَعَلَ الْمَرْءُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ فَيَبْقَى الْإِبْرَاءُ أَوْ الْعَقْدُ مُتَعَلِّقًا بِالشَّرْطِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يَتَّضِحُ الْكَلَامُ فِي بَيْعِ الْأَمِيرِ الْغَنِيمَةَ.
١٩٨٣ - وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ أَمَرَ الْمُنَادِيَ فَنَادَى: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا قَدْ أَقَلْنَا الْمُشْتَرِينَ الْعَقْدَ فِيمَا اشْتَرَوْا مِنَّا فَمَنْ كَانَ اشْتَرَى شَيْئًا فَلْيَطْرَحْهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ.
لِأَنَّهُ أَقَالَهُمْ الْبَيْعَ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ مِنْهُ، كَأَصْلِ الْبَيْعِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَصِحُّ مِنْهُمَا الْإِقَالَةُ فِيمَا بَاعَهُ لِلْيَتِيمِ كَمَا يَصِحُّ أَصْلُ الْبَيْعِ، وَبَعْدَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ لَا يَبْقَى الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ الْبَيْعُ عَادَ كَمَا كَانَ غَنِيمَةً، وَقَدْ طَرَحُوهُ بِأَمْرِ الْأَمِيرِ، فَكَأَنَّهُ طَرَحَهُ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ بِسَبَبِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: قَدْ أَقَلْتُك الْبَيْعَ، فَاقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا، فَفَعَلَ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى طَعَامًا فَقَالَ: قَدْ أَقَلْتُك الْبَيْعَ فِيهِ فَتَصَدَّقْ بِهِ عَنِّي عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَسَاكِينِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ. فَإِنَّ الْإِقَالَةَ تَكُونُ صَحِيحَةً، وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مُعْتَبَرَةٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الطَّعَامَ بِكَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ عَنِّي، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا فَاقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا، فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الْآمِرِ الثَّمَنُ، فَكَذَلِكَ الْإِقَالَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute