الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الثَّبَاتُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى الْبَيْتِ الْآخَرِ.
فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ: الْخِلَافُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَاحِدٌ، وَمِنْ عَادَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الِاسْتِشْهَادُ بِالْمُخْتَلِفِ عَلَى الْمُخْتَلِفِ لِإِيضَاحِ الْكَلَامِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا، وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أَنَّ جِهَةَ الْهَلَاكِ هَا هُنَا وَاحِدَةٌ فِي الْبَيْتَيْنِ، وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي التَّحَوُّلِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمَرْءِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إذَا كَانَ مُفِيدًا لَهُ فَائِدَةً، فَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ فَجِهَةُ الْهَلَاكِ مُخْتَلِفَةٌ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ النَّارِ، وَفِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ لَهُ فَائِدَةٌ فَأَثْبَتْنَاهُ.
٢٩٦٠ - وَلَوْ أَنَّ مُشْرِكًا طَعَنَ مُسْلِمًا بِرُمْحٍ فَأَنْفَذَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَمْشِيَ فِي الرُّمْحِ إلَيْهِ لِيَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ فَإِنْ كَانَ يَخَافُ الْهَلَاكَ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَيَرْجُو النَّجَاةَ إنْ خَرَجَ مِنْ الرُّمْحِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ.
لِأَنَّ الْمَشْيَ إلَيْهِ فِي الرُّمْحِ إعَانَةٌ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ بِجَهْدِهِ أَوَّلًا، ثُمَّ النَّيْلُ مِنْ عَدُوِّهِ.
٢٩٦١ - وَإِنْ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ عِنْدَهُ فِي التَّيَقُّنِ بِالْهَلَاكِ فِيهِمَا، أَوْ رَجَاءِ النَّجَاةِ فِيهِمَا، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي جِرَاحَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَمْشِيَ إلَيْهِ فِي الرُّمْحِ حَتَّى يَضْرِبَهُ بِالسَّيْفِ، وَإِنْ شَاءَ خَرَجَ مِنْ الرُّمْحِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute