للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُسْتَوْجِبًا لِلْقَتْلِ مَا تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، بَدْرِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَدْرِيٍّ.

وَكَذَلِكَ لَوْ لَزِمَهُ الْقَتْلُ بِهَذَا حَدًّا مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إقَامَتَهُ عَلَيْهِ.

وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: ١] .

فَقَدْ سَمَّاهُ مُؤْمِنًا، وَعَلَيْهِ دَلَّ قِصَّةُ أَبِي لُبَابَةَ حِينَ اسْتَشَارَهُ بَنُو قُرَيْظَةَ فَأَمَرَّ أُصْبُعَهُ عَلَى حَلْقِهِ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُمْ لَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَهُمْ. وَفِيهِ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [الأنفال: ٢٧] .

- وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ هَذَا ذِمِّيٌّ فَإِنَّهُ يَوْجَعُ عُقُوبَةً وَيُسْتَوْدَعُ السَّجْنَ، وَلَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا مِنْهُ لِلْعَهْدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ مُسْلِمٌ لَمْ يَكُنْ بِهِ نَاقِضًا أَمَانَةً، فَإِذَا فَعَلَهُ ذِمِّيٌّ لَا يَكُونُ نَاقِضًا أَمَانَةً أَيْضًا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ فَقَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ لَمْ يَكُنْ بِهِ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ، وَإِنْ كَانَ قَطَعَ الطَّرِيقَ مُحَارَبَةً مَعَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالنَّصِّ فَهَذَا أَوْلَى.

وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ مُسْتَأْمَنٌ فِينَا فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ نَاقِضًا لِأَمَانَةٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَطَعَ الطَّرِيقَ.

إلَّا أَنَّهُ يُوجَعُ عُقُوبَةً فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَقَصَدَ بِفِعْلِهِ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ. .

<<  <   >  >>