للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَخْرُجَ لِسَفَرِ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ مَعَ قِيَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي سَفَرِهِ تَفْوِيتُ حَقِّ رَبِّ الدَّيْنِ، فَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَغْزُوَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقِيمَ فَيَتَمَحَّلَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ. لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَالْغَزْوُ، إذَا لَمْ يَكُنْ النَّفِيرُ عَامًّا غَيْرَ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِاكْتِسَابِ سَبَبِ الْإِسْقَاطِ فِيمَا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا لِلْأَصْلِ الْمَعْرُوفِ أَنَّ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْحُقُوقِ يُبْدَأُ بِالْأَهَمِّ.

- وَقَضَاءُ الدَّيْنِ أَهَمُّ مِنْ الْغَزْوِ، عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ مُرْتَهَنٌ بِدَيْنِهِ فِي قَبْرِهِ مَا لَمْ يُقْضَ عَنْهُ» . «وَقَالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنٍ عَنْ مَيِّتٍ: الْآنَ بَرَّدْت عَلَيْهِ جِلْدَتَهُ» ، فَإِنْ غَزَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهُ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ خَرَجَ لِلْحَجِّ وَلَمْ يَدَعْ لِعِيَالِهِ مَا يَكْفِيهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَهُ، بَلْ أَوْلَى. لِأَنَّ نَفَقَةَ عِيَالِهِ تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَاجِبٌ فِي الْحَالِ. وَإِذَا أَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ فِي الْغَزْوِ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْ الْمَالِ، فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَتَمَحَّلَ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ. لِأَنَّ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْخُرُوجِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ، فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَنْظُرَ لِنَفْسِهِ وَيَبْدَأَ بِمَا هُوَ الْأَوْجَبُ.

<<  <   >  >>