ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالْقِسْمَةِ أَنَّ حِصَّةَ الْقَوْمِ كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَخَذُوا، فَإِنَّ مَا تَبَقَّى مِنْ فَضْلِ نَصِيبِهِمْ فِي يَدِ صَاحِبِ الْمَقَاسِمِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، فَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا الْإِمَامُ فِي يَدِهِ أَوْ يَأْخُذَهَا فَيُعَرِّفَهَا حَوْلًا، وَيُخْبِرَ بِذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ، لَعَلَّ ذَلِكَ يَنْتَهِي إلَى أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَضْلَ مَعْلُومٌ أَنَّهُ حَقُّ الَّذِينَ غَابُوا وَيُرْجَى حُضُورُهُمْ إذَا انْتَهَى الْخَبَرُ إلَيْهِمْ.
٢١٠٥ - فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ اللُّقَطَةِ فِي التَّعْرِيفِ ثُمَّ التَّصَدُّقُ بِهِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، وَالرَّأْيُ فِي ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ، لَا إلَى صَاحِبِ الْمَقَاسِمِ.
لِأَنَّ الْأَمِيرَ إنَّمَا وَلَّاهُ الْقِسْمَةَ فَقَطْ، وَقَدْ انْتَهَتْ وِلَايَتُهُ بِإِتْمَامِ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ فِيمَا يَجْعَلُهُ الْأَمِيرُ فِي يَدِهِ مِنْ نَصِيبِ بَعْضِ الْغَانِمِينَ، لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ.
٢١٠٦ - إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْأَمِيرُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَمِيرِ كَانَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُضَمِّنَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَى يَدِهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَإِذَا بَاشَرَ فِيهِ فِعْلًا سِوَى مَا أَمَرَهُ بِهِ كَانَ خَائِنًا ضَامِنًا فِي حَقِّ مَنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا أَتْلَفَ الْمَالَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُودِعِ أَنْ يُضَمِّنَهُ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهُ، وَإِنْ أَخَذَ الْأَمِيرُ مِنْهُ ذَلِكَ وَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ جَائِزًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute