للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ جَوَازَ التَّصَدُّقِ بَعْدَ التَّعْرِيفِ بِاللُّقَطَةِ رُخْصَةٌ فَأَمَّا الْعَزِيمَةُ فَهُوَ الْكَفُّ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ وَحِفْظُهُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ فَيَأْخُذَهُ.

٢١١٣ - وَإِنْ كَانَ شَيْئًا مِمَّا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ بَاعَهُ، وَوَقَفَ ثَمَنَهُ.

لِأَنَّ حِفْظَهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ، ثُمَّ هَذَا الْبَيْعُ يَكُونُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ، حَتَّى إذَا حَضَرَ صَاحِبُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ بِهِ، فَإِنَّ بَيْعَهُ تَقْرِيرٌ لِمَا هُوَ الْحُكْمُ فِيهِ، وَهُوَ حِفْظُ الْمَالِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهِ، بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِنَّ التَّصَدُّقَ بِهِ لَا يَكُونُ تَقْرِيرًا لِحِفْظِ الْمَالِيَّةِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ إيصَالٌ لِثَوَابِهِ إلَيْهِ إنْ رَضِيَ بِهِ، فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاقِعًا مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ.

٢١١٤ - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا غَلَّ شَيْئًا مِنْ الْغَنَائِمِ ثُمَّ نَدِمَ، فَأَتَى بِهِ الْإِمَامُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَتَفَرَّقَ الْجَيْشُ، فَلِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ رَأْيٌ إنْ شَاءَ كَذَّبَهُ فِيمَا قَالَ، وَقَالَ: أَنَا لَا أَعْرِفُ صِدْقَك، وَقَدْ الْتَزَمْت وَبَالًا بِزَعْمِك، وَأَنْتَ أَبْصَرُ فِيمَا الْتَزَمْته، حَتَّى تُوَصِّلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَجَعَلَ خُمُسَهُ لِمَنْ سَمَّى اللَّهَ تَعَالَى.

لِأَنَّهُ وَجَدَ الْمَالَ فِي يَدِهِ، وَصَاحِبُ الْمَالِ مُصَدَّقٌ شَرْعًا فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ مِنْ حَالِ مَنْ فِي يَدِهِ، وَبِاعْتِبَارِ صِدْقِهِ خُمُسُهُ لِأَرْبَابِ الْخُمُسِ فَيَصْرِفُ إلَيْهِمْ وَالْبَاقِي

<<  <   >  >>