للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَرْبِ بِغَنَائِمَ فَلَقَوْا جُنْدًا مِنْ الرُّومِ فَقَاتَلُوهُمْ عَنْ غَنَائِمِهِمْ، فَهَزَمُوا أَهْلَ الرُّومِ وَأَصَابُوا غَنَائِمَ ثُمَّ خَرَجُوا اشْتَرَكُوا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مُحْرَزًا بِقِتَالِهِمْ، وَنُصْرَتِهِمْ جَمِيعًا وَحَالُهُمْ الْآنَ كَحَالِ التُّجَّارِ إذَا لَحِقُوا بِالْجَيْشِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَقَاتَلُوا مَعَهُمْ دَفْعًا عَنْ الْغَنَائِمِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَلَّا يَكُونَ لِلسَّرِيَّةِ الْأُولَى شَرِكَةٌ مَعَ السَّرِيَّةِ الثَّانِيَةِ، فِيمَا أَصَابُوا مِنْ غَيْرِ الرُّومِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوا ذَلِكَ مِنْ الدَّارِ الَّتِي أَصَابُوا فِيهَا، قَبْلَ أَنْ تَلْحَقَ بِهِمْ السَّرِيَّةُ الْأُولَى، فَلَا يُشَارِكُونَهُمْ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ الْتَحَقَ الْمَدَدُ بِالْجَيْشِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَاتَلُوا مَعَهُمْ الْعَدُوَّ دَفْعًا عَنْ تِلْكَ الْغَنَائِمِ قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ حَقَّهُمْ لَا يَتَأَكَّدُ فِي الْمُصَابِ بِالْإِخْرَاجِ إلَى تِلْكَ الدَّارِ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنَّمَا يَتَأَكَّدُ حَقُّهُمْ بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ حُكْمَ اخْتِلَافِ الدَّارِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَأَمَّا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ الْكُلُّ فِي حُكْمِ مَكَان وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَتَأَكَّدُ إذَا تَمَّ السَّبَبُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَصِيرُوا قَاهِرِينَ يَدًا وَدَارًا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْصُلُ، وَإِنْ أَخْرَجُوهَا إلَى دَارِ حَرْبٍ أُخْرَى، مَا لَمْ يُحْرِزُوهَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ بَعَثَ جُنْدًا إلَى عَدُوٍّ خَلْفَ الرُّومِ ثُمَّ عَمِيَ عَلَيْهِمْ خَبَرُهُمْ فَبَعَثَ جُنْدًا آخَرَ فِي طَلَبِهِمْ لِنُصْرَتِهِمْ، فَوَجَدُوهُمْ فِي أَرْضِ الرُّومِ، وَمَعَهُمْ الْغَنَائِمُ قَدْ جَاءُوا بِهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بُعِثُوا إلَيْهِ، فَإِنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ فِيهَا، لِلْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا، فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ

<<  <   >  >>