للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ مَا أَخَذُوهُ عِوَضًا عَنْ السَّبْيِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ، فَقَدْ كَانُوا أَثْبَتُوا الْيَدَ عَلَى السَّبْيِ، ثُمَّ سَلَّمُوهُمْ إلَى أَهْلِ الْحَرْبِ بِمَا أَخَذُوا مِنْهُمْ، فَيَكُونُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْجَيْشِ أَصَابُوا غَنَائِمَ وَبَاعُوهَا أَوْ قَسَمُوهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ مَدَدٌ.

وَأَمَّا الْكَنَائِسُ فَلَمْ تَصِرْ مُحْرَزَةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ بَيْعُهُمْ فِيهَا، فَكَانَ مَا أَخَذُوا مِنْ الْفِدَاءِ فِي حُكْمِ مَالِ غَنِيمَةٍ ابْتِدَاءً، وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ هَذَا الْفَرْقَ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ بَاعَ السَّبْيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ بَيْعُهُ، وَلَوْ بَاعَ كَنَائِسَهُمْ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ الْأَرْضُ دَارَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ.

٢١٧٣ - وَلَوْ كَانَتْ السَّرِيَّةُ مَبْعُوثَةً مِنْ الْعَسْكَرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْعَسْكَرُ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ حِينَ أَخَذَتْ السَّرِيَّةُ السَّبْيَ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ شَرَكُوهُمْ فِي فِدَاءِ السَّبْيِ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانُوا حَضَرُوا مَعَهُمْ.

وَإِنْ كَانُوا بِالْبُعْدِ مِنْهُمْ فَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ قَدْ نَهَى أَمِيرَ السَّرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ السَّبْيِ، أَوْ يُفَادِيَ بِهِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ فِدَاءُ السَّبْيِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ.

لِأَنَّهُ بَعْدَ مَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ، فَفِعْلُهُ لَا يَكُونُ بَيْعًا لَكِنَّهُ يَكُونُ رَدًّا لِلسَّبْيِ عَلَيْهِمْ، فَكَأَنَّ رَدَّهُمْ بِغَيْرِ شَيْءٍ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ.

فَلَوْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانُوا شُرَكَاءَ فِي الْمَالِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ حِينَ فَوَّضَ إلَيْهِ تَدْبِيرَ السَّرِيَّةِ مُطْلَقًا فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ الْبَيْعِ، وَيَكُونُ

<<  <   >  >>