للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَإِذَا فَعَلَهُ بِالْغَنِيمَةِ أَوْلَى أَنْ يَصِيرَ مُتَمَلِّكَهُ.

ثُمَّ الْمِلْكُ يُطْلِقُ لَهُ الْإِبَاحَةَ وَالْإِهْدَاءَ إلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ الطَّعَامُ عَنْ حَالِهِ، وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، أَنَّ بَعْدَ التَّغَيُّرِ لَوْ جَاءَهُ إنْسَانٌ فَأَتْلَفَهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ، وَقَبْلَ ذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَهُ إنْسَانٌ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، ثُمَّ مَبْنَى الطَّعَامِ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ عَلَى التَّوَسُّعِ فِيهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا صَنَعَ طَعَامًا فَدَعَا إلَيْهِ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ بِأَكْلِ ذَلِكَ بَأْسٌ وَكَسْبُهُ مَمْلُوكٌ لِمَوْلَاهُ، فَهَذَا الَّذِي لَا مِلْكَ فِيهِ لِأَحَدٍ يَكُونُ أَيْسَرَ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ.

- وَلَوْ أَنَّ تَاجِرًا ذَهَبَ مَعَ الْجُنْدِ إلَى بَعْضِ الْمَطَامِيرِ وَهِيَ نَائِيَةٌ عَنْ الْعَسْكَرِ فَجَاءَ مِنْهَا بِطَعَامٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ وَيَعْلِفَ دَابَّتَهُ. لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَصَابَهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ سَائِرِ الْغَانِمِينَ فِيهِ بِإِصَابَتِهِ، فَلَا يَكُونُ حَقُّهُمْ فِي ذَلِكَ مَانِعًا لَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَالًا آخَرَ كَانَ هُوَ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا لَهُمْ فِيمَا أَحْرَزُوهُ دُونَهُ وَكَذَلِكَ فِي الطَّعَامِ، وَلِذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ مِنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ.

لِأَنَّ مَا كَانَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْعَسْكَرِ فَقَدْ صَارَ مَأْخُوذًا بِقُوَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ قَبْلَ إصَابَتِهِ، فَهُوَ نَظِيرُ الْمُحْرَزِ بِأَخْذِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ دُونَهُ.

- وَالْغَنَمُ وَالْبَقَرُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَطْعِمَةِ، لَا بَأْسَ لِكُلِّ

<<  <   >  >>