وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَعْرِضَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ النَّاسُ عَنْهُ أَغْنِيَاءَ. وَلَمْ يَتَبَيَّنْ هَذَا الْمُخَالِفُ مَنْ هُوَ، فَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ النُّكْتَةِ أَنَّهُ يَمْنَعُهُمْ مِنْ الرُّخْصَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَكِنَّ عُلَمَاءَنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى قَالُوا: بِثُبُوتِ الرُّخْصَةِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ، فَعِنْدَ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ هُوَ فِي مَنْعِهِمْ عَنْ الرُّخَصِ قَاصِدٌ إلَى الْإِضْرَارِ بِهِمْ، لَا إلَى تَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمْ، حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، كَانَ هُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَنْ يَفْعَلَهُ أَيْضًا، فَأَمَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَاجَةِ فَهُوَ نَاظِرٌ لَهُمْ، وَلَهُ وِلَايَةُ النَّظَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سِوَى أَنَّ عِنْدَ الْمَنْعِ لَا يُسْرِفُونَ فِي التَّنَاوُلِ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُسْرِفُونَ فِي التَّنَاوُلِ مِنْ طَعَامِ الْغَنِيمَةِ لَكَانَ هَذَا كَافِيًا، فِي سَعَةِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ لَهُ فِي الْمَنْعِ.
- وَمَا وَجَدُوا فِي مَنَازِلِ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنْ طِينٍ قَدْ أَحْرَزُوهُ لِغَسْلِ الرَّأْسِ، أَوْ مِنْ الطِّينِ الَّذِي لِلدَّوَاءِ، فَلَيْسَ أَحَبَّ لَهُمْ أَنْ يَسْتَعْمِلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ.
لِأَنَّ بِالْإِحْرَازِ صَارَ ذَلِكَ مَمْلُوكًا لَهُمْ، وَمَا يُصَابُ مِنْ مِلْكِهِمْ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ يَكُونُ غَنِيمَةً، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ لَيْسَ مِنْ أُصُولِ الْحَوَائِجِ.
٢٢٤٥ - فَإِنْ وَجَدُوا طِينًا لَمْ يُحْرِزُوهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ. وَهَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَظَائِرِهِ سَوَاءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute