للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَأَيْته يُجَرُّ إلَى النَّارِ بِعَبَاءَةٍ غَلَّهَا» .

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: مَا ظَهَرَ الْغُلُولُ فِي قَوْمٍ قَطُّ إلَّا أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبُ وَلَا فَشَا الرِّبَا فِي قَوْمٍ إلَّا كَثُرَ فِيهِمْ الْمَوْتُ، وَلَا نَقَصَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إلَّا قُطِعَ عَنْهُمْ الرِّزْقُ، وَلَا حَكَمَ قَوْمٌ عَلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ إلَّا فَشَا فِيهِمْ الدَّمُ، وَلَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ.

وَلَمَّا قَالَ رَجُلٌ لِسَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنِّي أَخَذْت خَيْطًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فَخِطْت بِهِ ثَوْبِي قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ وَقَدْرُهُ. فَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ الْوِزْرِ فِي الْغُلُولِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إحْرَاقُ الرَّحْلِ. لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ جَابِرٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَيْسَ فِي الْغُلُولِ قَطْعٌ وَلَا نَكَالٌ. وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِنَفْيِ إحْرَاقِ الرَّحْلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ النَّكَالِ.

٢٢٦٣ - وَكَمَا لَا يُحْرَقُ رَحْلُ الْغَالِّ لَا يُحْرَمُ سَهْمَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَا مِنْ الْعَطَاءِ. لِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مَالًا، لَا نَصِيبَ لَهُ فِيهِ، لَا يُحَرَّمُ سَهْمُهُ بِهِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ أَوْلَى.

وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ بِإِحْرَاقِ رَحْلِهِ يَقُولُونَ لَا يُحْرَقُ الْمُصْحَفُ وَلَا الْحَيَوَانُ وَلَا السِّلَاحُ، فَبِهِ يُقَاسُ سَائِرُ الْأَمْتِعَةِ.

<<  <   >  >>