للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ لَهُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَهُمْ، حَتَّى الْآنَ، فَيَكُونُ حَالُهُ فِي حَقِّهِمْ كَحَالِ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْتَحَقَ بِالْعَسْكَرِ، وَهُوَ لَا يَصِيرُ مَدَدًا لَهُمْ بِنَفْسِ الِالْتِحَاقِ بِهِمْ، لِأَنَّ قَصْدَهُ النَّجَاةُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ مَعَهُمْ دَفْعًا عَنْ الْمُصَابِ، فَيَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلَ كَوْنِهِ قَاصِدًا إلَى أَنْ يَكُونَ مَدَدًا لَهُمْ.

٢٣٩٦ - وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ انْفَلَتَ قَتَلَ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَخَذَ مَالَهُ، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ لَهُ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، بِمَنْزِلَةِ حَرْبِيٍّ أَسْلَمَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ وَهَذَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اللِّصِّ فِيمَا أَخَذَهُ، لِأَنَّ قَصْدَهُ النَّجَاةُ مِنْهُمْ دُونَ الْقِتَالِ عَلَى وَجْهِ إعْزَازِ الدِّينِ، فَإِنَّهُ مَقْهُورٌ، لَا مَنَعَةَ لَهُ فِيهِمْ.

٢٣٩٧ - فَإِذَا كَانَ الْأُسَرَاءُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا خَمَّسَ جَمِيعَ مَا أَصَابُوا، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ، الْآخِذُ مِنْهُ وَغَيْرُ الْآخِذِ فِيهِ سَوَاءٌ، وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ كُلُّ فَرِيقٍ أَهْلَ مَنَعَةٍ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقُوا، أَوْ حِينَ اجْتَمَعُوا صَارَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ.

لِأَنَّهُمْ مُحَارِبُونَ فِي الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ أَحْرَزُوا الْمَالَ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ، وَهُمْ ظَاهِرُونَ فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى إعْزَازِ الدِّينِ فِيمَا أَصَابُوا، فَلِهَذَا يَكُونُ غَنِيمَةً.

٢٣٩٨ - وَلَوْ تَمَكَّنَ الْأُسَرَاءُ مِنْ قَتْلِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، غِيلَةً وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ.

لِأَنَّهُمْ مُحَارِبُونَ لَهُمْ، وَمَعَ ذَلِكَ هُمْ مَقْهُورُونَ مَظْلُومُونَ، فَلَهُمْ أَنْ يَنْتَصِفُوا مِنْ بَعْضِ مَنْ ظَلَمَهُمْ، إذَا تَمَكَّنُوا مِنْ ذَلِكَ.

<<  <   >  >>