أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِينَ أَخَذَ مِنْهُمْ تِلْكَ الْأَمْوَالَ لَوْ جَاءُوا إلَى الْعَسْكَرِ، وَلَهُمْ مَنَعَةٌ، فَقَالُوا: نُرِيدُ قِتَالَكُمْ أَوْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ التُّجَّارِ حَتَّى نَقْتُلَهُمْ، وَنَأْخُذَ أَمْوَالَنَا لَمْ يَسَعْنَا أَنْ نَدَعَ أَهْلَ الْحَرْبِ يُقَاتِلُونَهُمْ، وَلَكِنْ يَلْزَمُنَا نُصْرَةُ التُّجَّارِ، بِأَنْ نَأْخُذَ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا غَدَرُوا فِيهِ، وَنَرُدَّهُ عَلَى أَهْلِهِ، وَنَمْنَعَهُمْ مِنْ قَتْلِ التُّجَّارِ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِينَ جَاءُوا لِلِاسْتِنْقَاذِ قَوْمًا سِوَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ.
٢٤٢٣ - وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْمَنُونَ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَعَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ أَنْ يَرُدُّوا مَا أَصَابَ الْمُسْتَأْمَنُونَ عَلَى أَهْلِهِ.
لِأَنَّهُمْ مَا كَانُوا مُحْرِزِينَ لِذَلِكَ بِمَنَعَتِهِمْ، وَإِنَّمَا صَارُوا مُحْرِزِينَ لَهُ بِقُوَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ حَقُّهُمْ فِيهِ لَوْ كَانَ غَنِيمَةً، وَإِنْ لَمْ يَلْقَوْا قِتَالًا بَعْدَ مَا الْتَحَقُوا بِهِمْ.
٢٤٢٤ - فَعَرَفْنَا أَنَّ وِلَايَةَ الْإِمَامِ قَدْ ثَبَتَتْ فِي هَذَا الْمَالِ حِينَ كَانَ مُحْرَزًا بِقُوَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى أَهْلِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ إلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ يَكْتُبُ إلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَدْخُلَ بِأَمَانٍ فَيَأْخُذَهُ.
لِأَنَّهُ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ، فَهُوَ نَظِيرُ الثَّوْبِ إذَا هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ وَأَلْقَتْهُ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى صَاحِبِهِ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ حَتَّى يَجِيءَ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute