كَانَ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَالدَّيْنِ سَوَاءً، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ فَلِلْمَوْلَى ذَلِكَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا.
لِأَنَّ جَمِيعَ مَالِيَّةِ الرَّهْنِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَالْفِدَاءُ فِي الْمَضْمُونِ يَكُونُ عَلَى الضَّامِنِ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَ نِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِنِصْفِ الْفِدَاءِ، وَلَا يَدْفَعُ الْعَبْدَ إلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ، وَهَذَا نَظِيرُ الْفِدَاءِ مِنْ الْجِنَايَةِ إذَا فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ، وَالرَّاهِنُ غَائِبٌ، وَفِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا فِي الْفَضْلِ فِي قَوْلِهِمَا، وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا، وَلَكِنْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْفِدَاءِ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ إنْ أَنْكَرَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ وَالدَّيْنَ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا قَضَى هَا هُنَا لِلْمُرْتَهِنِ بِالْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَحْيَا بِهِ مِلْكَ الْيَدِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ بِعَقْدِ الرَّهْنِ، فَكَانَ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ خَصْمًا عَنْ الرَّاهِنِ فِي إثْبَاتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ.
٢٥٦٠ - وَإِنْ حَضَرَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ جَمِيعًا فَأَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَفْدِيَهُ وَفَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ عَادَ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَالْمُرْتَهِنُ مُتَطَوِّعٌ، فِيمَا أَدَّى مِنْ الْقِيمَةِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، بِمَنْزِلَةِ الْفِدَاءِ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنَّ عِنْدَ حَضْرَةِ الرَّاهِنِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُتَطَوِّعًا فِي الْفِدَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمُرْتَهِنُ وَحَضَرَ الرَّاهِنُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ فُلَانٍ بِمِائَةٍ فَإِنْ وُجِدَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قُضِيَ لَهُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute