للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِهِ الرَّاهِنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَضَعُهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الرَّاهِنِ.

لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنَّ الرَّاهِنَ يَصِيرُ مُوفِيًا لِلْمُرْتَهِنِ بِمَا أَدَّى ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ دَيْنِهِ بِاعْتِبَارِ ثُبُوتِ حَقِّ الرُّجُوعِ بِهِ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا يَبْطُلُ، بِاسْتِيفَائِهِ بَعْضَ الدَّيْنِ، فَلِهَذَا وَضَعَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، فَإِذَا حَضَرَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ شَاءَ أَدَّى الْفِدَاءَ وَكَانَ رَهْنًا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ، كَمَا كَانَ قَبْلَ الْأَسْرِ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْفِدَاءَ كَانَ رَهْنًا عِنْدَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ، لِأَنَّ بِتَعَذُّرِ الْفِدَاءِ قَدْ صَارَ هُوَ مُسْتَوْفِيًا بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ، فَإِنَّ الرَّاهِنَ اسْتَوْجَبَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَلِلْمُرْتَهِنِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَكَانَ قِصَاصًا بِهِ.

فَإِنْ مَاتَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي فَدَاهُ، لِأَنَّهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا جَمِيعَ دَيْنِهِ، وَظَهَرَ أَنَّهُ فِي مِقْدَارِ الْفِدَاءِ قَدْ اسْتَوْفَاهُ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ فَدَاهُ بِدَرَاهِمَ وَكَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، رَجَعَ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْفِدَاءِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ، لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ حَقِيقَةً، حَتَّى لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً رَجَعَ فِي ذَلِكَ الْمُسْتَوْفَى بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ ضَمَانُ اسْتِيفَاءٍ، وَالِاسْتِيفَاءُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْجِنْسِ لَا بِخِلَافِ الْجِنْسِ، وَالْمُجَانَسَةُ بَيْنَ الْأَمْوَالِ بِصِفَةِ الْمَالِيَّةِ، فَلِهَذَا كَانَ رُجُوعُهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الدَّيْنِ، لَا مِنْ جِنْسِ الْفِدَاءِ.

٢٥٦٣ - وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَوْهُوبَ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَحْرَزَهُ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ فَحَضَرَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَإِنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.

<<  <   >  >>