للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ فِيهِ قَبْلَ هَذَا، وَالْمِلْكُ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ سَبَبٍ، فَلِهَذَا لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَخَذَهُ مَجَّانًا فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الشُّهُودَ كَانُوا عَبِيدًا] ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْعَبْدَ فِي الْغَنِيمَةِ، وَيَبْطُلُ عِتْقُهُ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَكَذَلِكَ إذَا أَخَذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالْقِيمَةِ، أَوْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَهَذَا لِأَنَّ مَا يُؤَدَّى فِدَاءٌ لِمِلْكِهِ، لَا عِوَضٌ عَنْ مِلْكٍ يُثْبِتُهُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا يُعْطَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ.

٢٦٣٢ - وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ أَمَةٌ فَاسْتَوْلَدَهَا الْمَقْضِيُّ لَهُ بِهَا. رُدَّتْ هِيَ وَعُقْرُهَا وَوَلَدُهَا رَقِيقًا فِي الْغَنِيمَةِ.

لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَطِئَ مَا لَا يَمْلِكُ إلَّا أَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنْهُ، لِضَرُورَةِ الْقَضَاءِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ وَالْوَلَدُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ.

٢٦٣٣ - ثُمَّ فِي الْقِيَاسِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ.

لِأَنَّ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ يَسْتَدْعِي شُبْهَةً حُكْمِيَّةً فِي الْمَحَلِّ، وَلَمْ تُوجَدْ.

٢٦٣٤ - وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ.

لِأَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي. وَهَذَا الْقَدْرُ فِي الْمَحَلِّ يَكْفِي لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ بِالدَّعْوَةِ، فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِأَدْنَى شُبْهَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا لَا يُجْعَلُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الْمَغْرُورِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ الْغُرُورَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إذَا تَرَتَّبَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى سَبَبِ مِلْكٍ ثَابِتٍ لَهُ فِي الْمَحَلِّ حُكْمًا أَوْ حَقِيقَةً.

<<  <   >  >>