للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِي هَذَا بَيَانٌ (٤١ آ) أَنَّ صِفَةَ الْجَنَابَةِ تَتَحَقَّقُ فِي الْكَافِرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَدَثِ إذَا وُجِدَ سَبَبُهُ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي أَنَّ الْغُسْلَ مَتَى يَلْزَمُهُ. فَمَنْ يَقُولُ: يُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، يَقُولُ: الْغُسْلُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فِي حَالِ كُفْرِهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَتَى بِهِ صَحَّ. وَمَنْ يَقُولُ: لَا يُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، فَيَقُولُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الِاغْتِسَالُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ صِفَةَ الْجَنَابَةِ مُسْتَدَامَةٌ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَإِنْشَائِهِ. وَصِحَّةُ الِاغْتِسَالِ مِنْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ. وَلِهَذَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ قَبْلَ أَنْ تُسْلِمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَا يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا اسْتِدَامَةَ لِلِانْقِطَاعِ. فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لَا يَلْزَمُهَا الِاغْتِسَالُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ كَيْفَ الْغُسْلُ، إنَّهُمْ لَا يَأْتُونَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ. وَهُمَا فَرْضَانِ، فَلِهَذَا يُؤْمَرُ إذَا أَسْلَمَ بِالِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ.

١٢٥ - وَاسْتُدِلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ الْحَنَفِيَّ لَمَّا أَسْلَمَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَغْتَسِلَ. قَالَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: زَعَمُوا أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ حَسُنَ إسْلَامُ صَاحِبِكُمْ. وَعَنْ كُلَيْبٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَايَعَهُ فَقَالَ: احْلِقْ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ. فَحَلَقَ رَأْسَهُ» .

١٢٦ - قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا نَرَى هَذَا مِنْ الْوَاجِبِ عَلَى النَّاسِ

<<  <   >  >>