فِي حَدِيثٍ بِقَوْلِهِ: «هُمْ مِنْهُمْ» يَعْنِي أَنَّ ذَرَارِيَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ، فِي أَنَّهُ لَا عِصْمَةَ لَهُمْ وَلَا قِيمَةَ لِذِمَّتِهِمْ. قَالَ: «وَالْعَسِيفُ الَّذِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، عَنْ قَتْلِهِ الْأَجِيرُ» ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَرَّاثِ، يَعْنِي مَنْ لَا يَكُونُ مِنْ هِمَّتِهِ الْقِتَالُ وَإِنَّمَا هِمَّتُهُ مِنْ الْقِتَالِ اكْتِسَابُ الْمَالِ فَقَطْ، بِإِجَارَةِ النَّفْسِ بِخِدْمَةِ الْغَيْرِ، أَوْ الِاشْتِغَالِ بِالْحِرَاثَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِانْعِدَامِ الْقِتَالِ مِنْهُ، وَاَلَّذِي رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: اُقْتُلُوا شُيُوخَ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتَحْيُوا شَرْخَهُمْ» ، فَالْمُرَادُ بِالشُّيُوخِ الْبَالِغُونَ وَبِالشَّرْخِ الصِّبْيَانُ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِحْيَاءِ الِاسْتِرْقَاقُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: ٤٩] فَأَمَّا الشَّيْخُ الْفَانِي الَّذِي لَا يَكُونُ مِنْهُ الْقِتَالُ، وَلَا يُعِينُ الْمُقَاتِلِينَ بِالرَّأْيِ، وَلَا يُرْجَى لَهُ نَسْلٌ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَبَيَانُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، نَهَى أَنْ يَقْتُلَ الْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ وَالشَّيْخَ الْكَبِيرَ فَإِنْ أَعَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمُقَاتِلِينَ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهَا. هَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ فَأَنْكَرَ قَتْلَهَا، وَقَالَ: مَنْ قَتَلَهَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْدَفْتهَا خَلْفِي فَأَرَادَتْ قَتْلِي فَقَتَلْتهَا، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَدُفِنَتْ» .
- وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ تُعْلِنُ شَتْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهَا، لِحَدِيثِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: إنِّي سَمِعْت امْرَأَةً مِنْ يَهُودَ وَهِيَ تَشْتُمُك، وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute