أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّجَاشِيَّ كَانَ مُسْلِمًا يَوْمَئِذٍ، كَمَا رُوِيَ، فَلِهَذَا اسْتَحَلَّ الزُّبَيْرُ الْقِتَالَ مَعَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ مَلْجَأٌ غَيْرُهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، قَالَتْ: لَمَّا اطْمَأْنَنَّا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ فَكُنَّا فِي خَيْرِ دَارٍ، عِنْدَ خَيْرِ جَارٍ، نَعْبُدُ رَبَّنَا إلَى أَنْ سَارَ إلَى النَّجَاشِيِّ عَدُوٌّ لَهُ، فَمَا نَزَلَ بِنَا قَطُّ أَمْرٌ عَظِيمٌ مِنْهُ، قُلْنَا: إنْ ظَهَرَ عَلَى النَّجَاشِيِّ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ حَقِّنَا مَا كَانَ النَّجَاشِيُّ يَعْرِفُ، فَأَخْلَصْنَا الدُّعَاءَ إلَى أَنْ يُمَكِّنَ اللَّهُ النَّجَاشِيَّ، ثُمَّ قُلْنَا: مَنْ رَجُلٌ يَعْلَمُ لَنَا عِلْمَ الْقَوْمِ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ: أَنَا فَنَفَخَ قِرْبَةً ثُمَّ رَكِبَهَا حَتَّى عَبَرَ النَّهْرَ، وَالْتَقَى الْقَوْمَ، وَحَضَرَ الزُّبَيْرُ مَعَهُمْ، وَجَعَلْنَا نُخْلِصُ الدُّعَاءَ إلَى أَنْ طَلَعَ الزُّبَيْرُ فِي النِّيلِ يُلِيحُ بِثَوْبِهِ، أَلَا أَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَظْهَرَ النَّجَاشِيَّ، وَمَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ، وَأَهْلَك عَدُوَّهُ، قَالَتْ: فَأَقَمْنَا عِنْدَ خَيْرِ جَارٍ. فَبِهَذَا الْحَدِيثِ تَبَيَّنَ صِحَّةُ التَّأْوِيلِ الَّذِي قُلْنَا.) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute