للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاشْتَبَهَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ حَالُهُ. وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ قَاتَلَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالْقِتَالِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ، وَمَقْصُودُهُ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ ظُهُورَ الْقِتَالِ مِنْ بَعْضِهِمْ كَظُهُورِهِ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ فِي حُكْمِ إبَاحَةِ قِتَالِهِمْ، وَلَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ رَجُلًا مِنْهُمْ، بَعْدَ مَا ظَهَرَ مِنْهُمْ الْقِتَالُ، ثُمَّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ أَخْرَجُوهُ مُكْرَهًا، فَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا كَفَّارَةَ. لِأَنَّهُ قَتَلَ شَخْصًا كَانَ قَتْلُهُ حَلَالًا مَعَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ، وَإِرَاقَةُ الدَّمِ الْمُبَاحِ لَا تُوجِبُ دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً.

- وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ السِّلَاحُ، وَهُوَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُقَاتِلْ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ. لِأَنَّ مَنْ كَانَ مُسْتَعِدًّا لِلْقِتَالِ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ مُبَاحُ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَحَبُّ التَّبَيُّنُ فِي أَمْرِهِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ.

- وَلَوْ أَحْرَقُوا سَفِينَةً مِنْ سَفَائِنِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ أَغْرَقُوهَا، وَفِيهَا نَاسٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ. لِأَنَّهُمْ بَاشَرُوا فِعْلًا، هُوَ حَلَالٌ لَهُمْ شَرْعًا، مَعَ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ.

<<  <   >  >>